روسيا حاولت استرضاء دول الخليج العربي بإرسال مندوب يشرح موقفها من سوريا، لكنها شعرت بعدم الموافقة على استقباله لأن الموقف الروسي لم يتغير، وعملية الالتفاف على الأوضاع السورية بجمل غير مفيدة، لا يغير من الواقع، وحاولت أيضاً إقناع أطراف عربية بجدوى موقفها لكنها وجدت ما يعاكس آراءها.. الصين، والتي أدركت مدى السخط العربي منها، وكيف أنها دخلت مسار روسيا، شعرت بالحرج بارسال مندوب يزور المملكة ومصر وفرنسا، ومع ذلك فاللغة التي سيسمعها المندوب قد لا تتغير، بل إنها هي الخاسر الأكبر سياسياً واقتصادياً إذا ما سارت الأمور باتجاه التصعيد بزعم أن أمريكا وأوروبا تحتكران السياسة الدولية، وهذا ما جعل النزاع بين القوى الخارجية، ينعكس سلباً على مجريات الأحداث السورية، وإلا بماذا تفسر تأييد قتل شعب مقابل المحافظة على حليف سلطوي وديكتاتور ينزع إلى الإبادة المتعمدة؟! فالعرب لا يريدون من الصين وروسيا حسنات، أو هبات، بل موقف أخلاقي، وإلا كلا البلدين لديه سجل مماثل لما يجري في سوريا، ومع ذلك لم يتدخل العرب بشؤونهما صيانة للعلاقات والصداقات، لكن الموقف المستجد جعل الرؤية العربية متفقة أن خلاف الأطراف الدولية لم يكن يراعي الأسد فقط بل وجدوها لعبة تصفية حسابات بين خصوم محتملين، والغريب أنه في الحرب العالمية الثانية، ورغم تباين العقائد والأيديولوجات شكل الغرب مع الاتحاد السوفييتي تحالفاً ضد النازية وحلفائها، وكان المد العسكري الأمريكي كبيراً ساعد على صد النازيين من الأراضي السوفييتية ثم هزيمتهم.. نحن لا نطالب الروس والصينيين الوقوف بأي اتجاه يغاير مصالح الشعب السوري، إذا كانا يريدان دفع مصالحهما إلى الأمام وقد خسرا ليبيا لذات الأسباب وهما يكرران نفس الخطأ مع حتمية زوال سلطة وبقاء شعب مهما كانت النتائج.. مشكلة البلدين أنهما يحاولات مساواة الجلاد مع الضحية، وهذا بأعراف وأدبيات المبادئ والأخلاق والقوانين مرفوض لتعارضه مع الحق العام، بل دفعا الشعب العربي إلى أن يجعل من الغرب صديقاً متوازناً في سياساته، وقد جاء الدافع من تصرف البلدين اللذين يعتقدان أن عسف الأمور باتجاه مضاد يزيد من تأييدهما وأن الشعب العربي سوف يتجاوز الخلاف معهما بالنسيان وهذا تقدير خاطئ، لأن الشعب السوري لديه حافز أن يضعهما في خانة الأعداء بناء على سلوكهما ومواقفهما.. لقد ربح الغرب من خلال أخطاء الشرق، ويبقى الرهان على المستقبل أي أن الروس والصينيين لن يجدوا من يبرر مواقفهم، لأن الوعي المنتشر سلاح مضاد وهذه المرة مع الشعب العربي كله..