إن فقدان الرغبة الجنسية كما ذكرنا في الأسبوع الماضي هي حالة شائعة ومنتشرة عالمياً تصيب الملايين من الرجال والنساء وتنغص حياتهم وتؤثر على جودتها خصوصاً بعد استعمال العقاقير الجديدة للضعف الجنسي كالفياغرا والسياليس والليفترا التي ساعدت الملايين من الرجال إلى استرجاع طاقتهم الجنسية ولكنها لم تظهر أي تأثير على الرغبة في المجانسة لا بل زادت احباط بعض هؤلاء الرجال الذين وجدوا أنفسهم قادرين من الحصول على الانتصاب ولكن بدون أية رغبة جنسية للقيام بالمجامعة. إن ثمة أسباباً لتلك الحالة تشمل بعض الاضطرابات النفسية والزوجية والعائلية ونقص في مستوى الهرمون الذكري في الدم أو ارتفاع معدل هرمون البرولكتين (هرمون الحليب) أو تناول بعض مضادات الاكتئاب والفشل الكلوي المزمن، ونقص المناعة المكتسبة أو مرض الإيدز، وبعض الأمراض القلبية والتهاب المفاصل وغيرها التي قد تتجاوب أحياناًللعلاج الدوائي أو النفسي. بالنسبة إلى معالجة حالات فقدان الرغبة الجنسية فإنها في غاية الصعوبة مع نتائج غير مضمونة في معظمها خصوصاً إذا لم يظهر أي سبب بيولوجي يمكن استهدافه مباشرة كنقص الهرمون الذكري الذي يتم عادة علاجه بنجاح بالأقراص أو اللصقات الجلدية أو الفموية أو الحقن العضلية التي تحتوي عليه أو في حالات فرط هرمون البرولكتين (هرمون الحليب) الذي يتجاوب للمعالجة بعقاقير «بروموكربتين» أو «غبرغولين» بنجاح أو بعد زرع كلية أو معالجة الاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى تحت إشراف اخصائي في تلك الأمراض أو تصحيح العلاقات الزوجية المضطربة أو كشف أسباب نفور الزوجة من الجنس وإزالتها. وأما في الحالات الباقية التي لا تترابط مع أي عامل مكشوف فإن معالجتها في غاية الصعوبة رغم محاولات العلماء والشركات المصنفة للعقاقير إيجاد علاج ثان لها. ومن تلك العقاقير المتداولة حالياً «اليوهنبين» المستخلص من جذع شجرة تنمو في افريقيا والذي انتشر استعماله خصوصاً في أوروبا لمعالجة حالات فقدان الرغبة الجنسية رغم أن نتائجه إذا ما قيست حسب أسس الطبابة المبنية على البراهين لم تكن مشجعة في معظم تلك الحالات. ومن الأدوية الأخرى التي لا تزال في مرحلة الاختبار فهي تشمل مزيجاً من اكسيد النيترك، و«الأرجنين» وأليوهنبين مع نتائج أولية إيجابية وعقار «ديليكوامين» الذي تكلل بنجاح مرتفع في الاختبارات الأولية عليه ولكنه سحب من التداول بسبب حدوث ارتفاع ثابت في ضغط الدم الانبساطي وعقار «أثيبايزول» المحفز لألفا فئة 2 للجهاز الردي الذي نجح في الاختبارات الأولية في زيادة الرغبة الجنسية. ومن المستحضرات التي تحتوي على مادة «الدوبامين» منها «كيونبلوران» و«الأبومورفين» فقد أعطت نتائج متفاوتة ولكنها لا تزال تحت الدراسة بجرعات عالية لتحديد مفعولها وسلامتها. وهنالك فئة أخرى من مثبطات الببثيد العصبي التي برهنت فعاليتها على السلوك الجنسي عند الأشخاص والحيوانات التي لا تزال في طور الاختبار ولكنها قد تكون ذات فعالية عالية في حالات فقدان الرغبة الجنسية إذا ما أثبتت الدراسات السريرية منفعتها.