ما يزال التوتر كبيرا في مدينة الكفرة الصحراوية جنوب شرق ليبيا رغم الهدنة التي اعلنها الجيش وكتائب الثوار بعدما اشتباكات بين قبائل التبو والزوية وحلفائهم من قبائل اخرى، اودت بحياة نحو مئة شخص. وقد نجح الجيش الوطني وكتائب الثوار في السيطرة على المدينة الى حد ما بعد مفاوضات بين شيوخ القبائل المتناحرة، لكن الجانبين ما زالا يتبادلان الاتهامات واللوم حول النزاع. وقال عيسى عبدالمجيد احد زعماء التبو لفرانس برس ان "التوتر بين القبائل لا يزال موجودا لكن تم احترام وقف اطلاق النار والاعمال العدائية من الطرفين، بعد اقامة الهدنة". وذكر مراسل فرانس برس الذي زار المدينة برفقة الجيش الليبي ان نساء منقبات من قبيلة الزوية نظمن اعتصاما في مدخل الكفرة ضد من وصفوا ب"التبو التشاديين" الذين قيل انهم تسببوا في أعمال العنف التي استمرت لأسبوعين في شباط/فبراير الماضي. وتقيم قبيلة التبو في المربع الحدودي بين ليبيا وتشاد والسودان والنيجر. ويقول عدد من شيوخ قبيلة الزوية والقبائل المساندة لها ان التبو التشاديين هم من شن الهجوم الأخير على مدينة الكفرة. وقال المحامي والناشط السياسي السنوسي سالم القمي الذي يرأس لجنة الانتخابات المحلية في المدينة، ان "ميليشيات تشادية" دخلت إلى الكفرة وفتحت النار على المواطنين. وأوضح القمي "منذ ثورة 17 فبراير كان هناك فراغ سياسي واداري وأمني في الكفرة" البلدة التي تضم حوالى اربعين الف نسمة واصبحت شبه خالية من السكان، معظم شوارعها غير مضاءة وتعاني نقصا في الماء والاغذية والادوية. واكد القمي ان "مجموعة من المرتزقة التشاديين دخلت الى الكفرة واستولت على الشرايين الرئيسية للمدينة (...) وبدأوا يطلقون النار في كل الاتجاهات ما تسبب في ارتفاع عدد الإصابات في صفوف المدنيين". واوضح ان هذه المجموعة "بعث بها عيسى عبد المجيد وانصاره من قبيلة التبو". وعيسى عبد المجيد كان في السابق مسؤولا عن مراقبة الحدود في ومكافحة الهجرة غير الشرعية. ويؤكد عبد المجيد انه استخدم سلطته في الحد من التهريب. لكن هذا اثار حفيظة سكان المنطقة لانهم يعيشون على هذا العمل. ونفى نفيا قاطعا معلومات تفيد انه استخدم ابناء عمومته من خلف الحدود في بسط سيطرته وتعزيز نفوذه وتوطينهم في ليبيا. اما ابناء التبو، فيقولون انهم هم الذين تعرضوا للهجوم وان القبائل الأخرى ترفض الاعتراف بأنهم ليبيون، مع انهم لعبوا دورا رئيسيا في تحرير الجنوب ومسجلون في السجل المدني الليبي الاول في 1954. وقال رجب سيدي احد اعيان التبو "كنا كرجل واحد مع أبناء قبيلة الزوية في الخنادق عندما كنا نقاتل ضد (الزعيم الليبي السابق معمر) القذافي. لكن منذ تحرير البلد، يريدون لنا الخروج من المدينة ويقولون إننا لسنا ليبيين، وهذا عار عن الصحة تماما". وكان حامد موسى الوادي وهو قائد ميداني من ميليشيات قبائل التبو، أكثر تفاؤلا بشأن موضوع المصالحة. وقال ان "ما حدث كان مجرد اشتباك بين التبو والزوية ولكن نحن اخوة وسنتوافق فيما بيننا". ويشكو أعيان قبائل التبو من استبعادهم من المجالس المدنية والعسكرية المحلية لمدينة الكفرة، ويقولون إن التوصل إلى حل طويل الأمد للوضع في المدينة يتطلب التكامل في هذه الهيئات". وقال الشيخ جمعة حماد التباوي "كنا نعاني من التهميش ونحن تحت القذافي ونحن لن نقبل التهميش مرة اخرى". وقال احد مشايخ قبيلة الزوية سليمان شقلوف ان "اي احد يستعمل القوة ليس منا. مشكلتنا ليست مع التبو وانما مع التشاديين وهناك اجندة خارجية في الامر". من جهته طالب الشيخ حافظ الابيرش الزوي "بعدم خروج من عاث فسادا في الكفرة عبر الحدود ولابد من ان يتم القبض عليه". وقال "نحن مسؤولون عن ابنائنا ونتحكم بهم لكن على الجيش ألا يسمح للمجرمين بالفرار وان يقتصر الخروج من الكفرة على الحالات الانسانية فقط ولابد من عودة كل الممتلكات المنهوبة إلينا". واوضح الشيخ جبريل المجبري ان "ما يحدث في الكفرة غريب عنها ولم يحدث في وقت سابق". وقال ان "اخواننا التبو لا يقومون بهذا الشيء وهذا العمل ليس عمل ليبيين انما عمل للتشاديين". ويصعب تحديد جنسية أبناء قبيلة التبو لان معظمهم لا يتحدثون بلهجة ليبية سليمة. والتبو قبيلة امازيغية لها لغة خاصة غير العربية يقيم معظم افرادها في منطقتي قدرفي وحارة التبو في مدينة الكفرة، في بيوت مبنية معظمها من أوراق النخيل والصفيح، وجميعهم من ذوي البشرة السمراء. وقد خلفت اشتباكات مدينة الكفرة اكثر من 100 قتيل وادت الى تشريد نصف السكان، حسب تقديرات الاممالمتحدة بينما نقل الجرحى الذين يعانون من اصابات خطيرة بطائرات الى بنغازي وطرابلس لتلقي العلاج.