فشل بائع الطيور خالد شريف في أن يُلبس ابنته لباس العروس لأنه لم يتمكن من تلبية مطالب خطيبها وذويها الذين كانوا يطالبونه بتوفير دراجة نارية ضمن جهاز العروس، كطلب إضافي على الأمتعة المألوفة في التقاليد الباكستانية التي يقدمها والد العروس لابنته عند توديعها إلى بيت زوجها والتي عادة ما تتمثل في أثاث البيت كاملاً يشمل التلفزيون والثلاجة والأسرة والكراسي وجميع متطلبات المنزل من أولها إلى آخرها. خالد شريف الذي يبيع الطيور في إحدى الأسواق المزدحمة الواقعة في إحدى أطراف سوق راجه بازار بمدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام آباد، بدأ يشعر باليأس والاكتئاب بعدما تسبب موضوع الدراجة النارية في فسخ خطبة ابنته ميمونة مع خطيبها عاصم علي الذي يعمل بائعاً للخضروات في نفس السوق، وخصوصاً بعدما أصر العريس وأهله على توفير الدراجة النارية للعريس ضمن جهاز العروس، وأكدوا له بأنهم سيلجأون إلى فسخ الخطبة ليبحثوا لابنهم عن عروس أخرى يكون بإمكان أبيها توفير دراجة نارية للعريس إلى جانب جهاز العروس ... وهذا ما حصل في نهاية المطاف. خطيب «ميمونة» فسخ الخطوبة.. لأنها لم توفر له دراجة نارية ضمن جهاز الزواج! توارث الباكستانيون تقاليد متعددة من ثقافتهم الهندية القديمة، وبدأت تنشط منظمات عديدة لتوعية المجتمع الباكستاني بخطورة بقاء بعض التقاليد في المجتمع الباكستاني من ضمنها جهاز العروس الذي دمر حياة العديد من الباكستانيات ما قبل وبعد الزواج، إذ تسببت هذه التقاليد في إحداث فشل للحياة الزوجية في عدد كبير من قضايا الأسرة الباكستانية، إذ يلجأ البعض إلى عتاب زوجاتهم ما بعد الزواج حول جودة وكمية الأمتعة التي وفرها والد العروس لابنته ضمن جهاز العروس، ويتطور الأمر في بعض الأسر المتعصبة إلى خلاف حاد بين الزوجين ليصل في بعض الأحيان إلى الطلاق مع أن الطلاق نادر جداً في المجتمعات الباكستانية. والد العروس يتحمل تكاليف باهظة لزواج ابنته لا يتوقف الأمر إلى منح الابنة أو الأخت جهازاً كاملاً لتصطحبه معها إلى بيت زوجها، بل تتواجد في المجتمع الباكستاني تقاليد وعادات أخرى تعمل على إشعال جمرة هذه الظاهرة الموروثة، إذ تدخل المنافسة أحياناً بين الإخوة من الرجال، فإن تزوج الأخ الأكبر بامرأة اصطحبت معها جهازاً كاملاً وعريقاً، يتوجب اجتماعياً على زوجات بقية الإخوة أن ينافسوا جهاز زوجة الأخ الأكبر وأن يشتروا ما يوازيه من حيث الكمية والعدد والجودة، وإلا فإن لم يتم الاهتمام بذلك فإن حياتهن الزوجية ستكون معرضة للمشاكل، لذا فإن حصل الأخ الأكبر على دراجة نارية أو تلفزيون وثلاجة ذات حجم كبير، يحرص ذوي زوجات الإخوة منح نفس الأغراض وبنفس الحجم والجودة لبناتهم تجنباً من أذية الزوج التي تحدث عادة عند منافسة زوجات بقية الإخوة، وعادة ما يقيم الباكستانيون في بيت واحد، ولا ينفصلون عن أبويهم بعد الزواج، بحيث تكون الزوجة مكلفة بخدمة أبوي زوجها لكبر سنهم، وهذا ما يتسبب عادة في حدوث احتكاكات بين زوجات الإخوة من جهة، ومن الجانب الآخر تواجه الزوجات ضغوط الحماة وأخوات العريس لأن الباكستانيون يعيشون في نظام الأسر الممتدة في بيت واحد. بينما يعتبر المنحرف عن هذه القاعدة شاذاً في المجتمع الباكستاني ويفقد احترام الجميع لأنه ترك أبويه عندما كبر عندهما في السن، ويصعب على الزوج الباكستاني أن يوفق بين زوجته وأمه وأخواته وزوجات إخوته، وهذا جانب آخر من مشاكل المجتمع الباكستاني. التقاليد اثقلت كاهل العروس وذويها وفي هذا الشأن يرى الدكتور الباكستاني محمد أسلم عبد القادر المختص في الشئون الاجتماعية ويعمل في إحدى المنظمات المحلية لحقوق المرأة، بأن سبب انتشار هذه العادات يعود إلى التقاليد التي توارثها سكان باكستان من ثقافتهم وتقاليدهم القديمة، حيث أصبحت المرأة في العصر الحاضر رمزاً لاكتساب أثاث البيت، وما يساعد في انتشار مثل هذه العادات هو عدم انتشار ظاهرة تعدد الزوجات في باكستان، إذ يكتفي كل رجل بالزواج بامرأة واحدة، بينما عدد الفتيات في تزايد مستمر مقارنة بعدد الشباب القادرين على تحمل مسئولية الزواج، إضافة إلى عدد هائل من الشباب العاطل غير القادرين على الزواج، مما أدى إلى قلة عدد الشباب القادرين على الزواج مع تزايد عدد الفتيات والذي تسبب في ارتفاع حجم طلبات الشباب وذويهم فيما يتعلق بأثاث المنزل. وأوضح الدكتور محمد أسلم بأن هناك عدداً ملحوظاً من الشباب يقفون ضد التقاليد القديمة ويرفضون الحصول على جهاز العروس، إلا أن عدداً مثل هؤلاء الشباب قليل جداً. وفي ختام حديثه أوضح الدكتور محمد أسلم بأنه يجب على الجميع مكافحة هذه الظاهرة سواء عن طريق الإرشاد أو عن طريق نشر برامج توعوية. باكستان التي تنتشر فيها تقاليد محلية متعددة أصبحت تعاني فيها النساء من ضياع مستقبلهن حال عدم توفر أموال لتأثيث بيوت من يتقدمون إليهن للزواج، وهذا ما حصل مع ميمونة ابنة بائع الطيور خالد شريف الذي لم يتمكن من شراء دراجة نارية لخطيب ابنته.!!