أمراض السرطان المختلفة تأتي اليوم في مقدمة أسباب الوفاة في العالم.. ورغم تقدمنا الطبي الكبير إلا أننا مازلنا نخوض معها معركة خاسرة يؤكدها ارتفاع نسبة الإصابة بين الأجيال الجديدة. وحين نتأمل طبيعة حياتنا المعاصرة نكتشف تناولنا كميات كبيرة من المواد الصناعية والكيميائية والحافظة والمكررة.. ناهيك عن تعرضنا لشتى أنواع الملوثات الغذائية والبيئية والإشعاعية وتعاملنا الدائم مع الأجهزة الإلكترونية والكهربائية.. ومع كل هذه المؤثرات يفترض ألا نستغرب من ارتفاع معدل الإصابة بالسرطان بل من عدم إصابتنا به أصلا على سياق من قال: أتعجبين من سقمي؟.. صحتي هي العجب! وفي حين كانت الحكومات الغربية تغدق الأموال على المختبرات ومراكز الأبحاث لاكتشاف علاج ناجع ونهائي للسرطان؛ عاش في ألمانيا طبيب عجوز حقق نجاحا خارقا بفكرة بسيطة.. وما يحيرني فعلا هو عدم تبني أساليبه بشكل كامل حتى اليوم.. هذا الطبيب يدعى رايك جييد هايمر الذي من بين 6270 مريضا عالجهم عاش منهم 6000 لأكثر من أربع سنوات رغم حالتهم المتقدمة. ونسبة النجاح هذه تعتبر عالية ومرتفعة جدا إذا علمنا أن معظم حالات السرطان المتأخرة تنتهي بالوفاة خلال فترة قصيرة نسبيا.. ويعود نجاح الدكتور هايمر الى حادثة قاسية مر بها شخصيا؛ فقد تمتع طوال عمره بصحة جيدة حتى فجع عام 1978 بمقتل ابنه الوحيد بالرصاص. وخلال الاسابيع القليلة التالية بدأ يشعر بألم في بطنه زادت حدته مع الأيام. وبعد الكشف عليه اتضحت إصابته بسرطان الأمعاء فخطر بباله (أن الصدمة أو الفاجعة التي مر بها وراء إصابته بهذا الداء). وهكذا وضع لنفسه برنامجا للعلاج يعتمد - بجانب الأدوية المعروفة - على التصالح مع نفسه ونسيان الماضي والعودة للسكينة والسلام.. فقد اقتنع بأنه بمجرد تغيير موقفه (من وفاة ابنه) سيوفر لنفسه فرصة أكبر للنجاة ومقاومة المرض. ورغم غرابة الفكرة إلا أنه حقق نجاحا سريعا حيث بدأت الخلايا السرطانية بالتراجع ثم الاختفاء تماما.. وحين شفي تماما راجع ملفات 15000 مريض في مستشفيات ألمانيا فوجد أن 90% منهم بدأت إصابتهم بعد حادثة مفجعة أو مصيبة استمرت طويلا. وهكذا وضع برنامجا لعلاج مرضى السرطان يعتمد على أسلوبين متوازيين.. الأول: استعمال العلاجات المعروفة لعلاج المرض، والثاني: إقناع المريض بأهمية الهدوء والسكينة لتخفيف قوة وعنفوان الخلايا السرطانية.. ورغم سخرية زملائه المتخصصين (خصوصا أنه يصف مسكنات القلق لمرضى السرطان وينصحهم بالإكثار من السكينة والصلاة وزيارة الكنيسة). ولكن العجيب أنه كان يحقق نسبة شفاء تجاوزت المعدلات المعروفة وكان مرضاه - من أصحاب الحالات المتقدمة - يعيشون لفترة أطول.. وفي الحقيقة لو أن الدكتور هايمر اكتفى بهذا الاكتشاف لعد رائدا في مجاله؛ إلا أنه (توسع كثيرا) ووضع جدولا ربط فيه بين العضو المصاب والحالة النفسية التي أثرت بالمريض.. فحسب هذا الجدول (مثلا) يظهر سرطان البنكرياس لدى من عانوا بكثرة من التوجس والتوتر العائلي.. ويظهر سرطان الرئة بسبب الخوف من المستقبل والتفكير الدائم بالموت.. ويظهر سرطان الثدي بسبب الصراعات الزوجية المستمرة أو القلق الدائم على أحد الأبناء (......)!! ويقول الدكتور هايمر أنه اكتشف هذه العلاقات من خلال مراجعته لآلاف الحالات والربط بين مسببات الأزمة والأعضاء المصابة.. وهو لا ينكر أهمية العوامل الوراثية أو المادية (مثل دور التدخين في سرطان الرئة) إلا أنه يعتبرها عوامل جزئية بدليل عدم إصابة كل المدخنين بسرطان الرئة!! ورغم أن الدكتور هايمر لم يفرض منهجا واضحا - أو علما دقيقا - الا أنه ترك قناعة بأهمية العامل النفسي في زيادة أو خفض معدلات السرطان. وحاليا أصبح مؤكدا أن للعقل (وموقف الانسان) تأثيرا قويا على الخلايا السرطانية وكيفية تفاعل جهاز المناعة معها! ... وتفاءلوا بالخير تجدوه...