أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعيا فضيلته إلى الستر وحفظ العورات وعدم التعرض أو النقد بأي حال من الأحوال لما يمس أحوال الناس مطالباً بعدم جعل الستر إذلالا للمستور عليه. وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام انه لا كراسي اعتراف بالإسلام ولا صكوك غفران عند المسلمين فمن اقترف من عباد الله ذنبا أو هُتك بينه وبين ربه سترا فليبادر بالتوبة والتائب من الذنوب كمن لا ذنب له والمرء قد تغلبه نفسه أو شيطانه فيقع في المحظور ويرتكب الممنوع فمن ابتلي بذلك فليستتر بستر الله ولا يفضح نفسه فكل الأمة معافاة إلا المجاهرين ومن المجاهرة أن يعمل الرجل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان قد عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عليه. وبين الشيخ صالح بن حميد أن العبد إذا وقع في الذنب وواقع المعصية فإن الله رحيم ودود لا يعاجل بالعقوبة ولا يسارع بالمجازاة بل يطغى عليه يستره ويمنع إطلاع الناس عليه ويصرفهم عنه حتى لا ينفضح رحمة من الله وفضله ورأفه وكرمه. وأشار فضيلته الى أنه أي فضل ورحمة وإحسان يكرم به ربنا عباده فيمهلهم إلى سنوات وسنوات لعلهم يرجعون ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار ويفرح بتوبة عبده أشد من فرح العبد لنفسه ورجوعه إلى ربه. وأضاف فضيلته بان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو عظيم الحياء عفيف اللسان حريص على ستر العورات والزلات فإذا سمع شيئا من أصحابه عرض بالتلميح وألمح بالتنبيه فقال ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وما بال أقوام يفعلون كذا وكذا. وقال فضيلته إن صدّيق الأمة أبو بكر رضي الله عنه يقول لو لم أجد للسارق والزاني وشارب الخمر إلا ثوبي لأحببت أن استره به، مشيرا الى انه هذا هو طريق الإسلام، وهذا هو منهجه مع العصاة والمقصرين. واستنكر إمام وخطيب المسجد الحرام من الذين يسترهم الله ثم يذهبون لفضح أنفسهم ويرغبون برد ذلك الستر داعيا فضيلته المسلمين إلى ستر العصاة مشيرا الى أن كشف عورات المسلمين عبارة عن وهن في الإسلام ومطالبا بالاجتهاد في ستر العصاة لأن من ستر مسلما في الدنيا ستره الله يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه كشف الله عورته حتى يفضحه الله في بيته. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن المؤمن يستر وينصح والمنافق والفاجر يهتك ويفضح فمن أحب إخوانه ستر عليهم وحفظ عليهم سرهم وزلتهم مبيناً فضيلته أن الستر هو عبارة عن إخفاء ما يظهر من زلات الناس وعيوبهم وعوراتهم وتجنب فضحهم قولاً وعملاً وهمزاً وغمزاً وإشارة وإيماءة. والعورة كل ما يستقبح ظهوره للناس حسياً كان أو معنوياً من الأفعال أو الأقوال. وتتبع الزلات والعورات هو الاستشراك والفضول في البحث عنها ومتابعة ما يتعلق بها بنظر أو سماع أو غيرة وستر ذلك كله يطفئ نار الفساد ويشيع المحبة وحسن الظن بالله عز وجل. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام بأن المجتمع المسلم لا يخسر بالسكوت عن تهم الناس والستر على عيوبهم، ولكنه يخسر كل الخسارة في إشاعة الاتهامات وتحريض الضعاف بالقيام بالفواحش وارتكاب الموبقات ونزع الثقة من الثقات وارتفاع الطمأنينة من البيوت في المجتمع وحذر فضيلته من الذين يريدون أن تشيع الفضيحة والفاحشة بين المسلمين مع تعدد وسائل النشر والفضح وكسر أبواب الحشمة والحياء من صحف ومجلات ومسرحيات وتمثيليات وقنوات وشاشات وهواتف محمولة وشبكات ومواقعها ومقاطعها مطالبا فضيلته بستر العورات والعصاة فإن ستر ذلك يساهم في إخفاء الفساد مشيرا الى أن التوبيخ أو التعيير فإن ذلك ممنوع فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تثرب الأمة الزانية مع أمره بجلدها فجلدها للحد ولا تثرب أي لا تعيير بالذنب ولا توبخ. كما حذر فضيلته من جعل الستر وسيله لإذلال المستور وتعييره بذنبه بل جعل أمره وسره وسيلة لإصلاحه وتقويمه واستجلاب مودته وإعانته عن دروب السوء.