بسم الله والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً.. كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. تنزيل من حكيم حميد، تكفل سبحانه وتعالى بحفظه إلى يوم الدين فقال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، وأصلي وأسلم على الهادي البشير والسراج المنير سيدنا محمد بن عبد الله الذي قال «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» وعلى آله وصحبه أجمعين. لقد من الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة بهذا الكتاب العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. هو العصمة من كل فتنة.. والسبيل إلى السعادة في الدنيا والآخرة «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم» فهو المعجزة الكبرى، والهداية الكاملة للناس أجمعين.. فيه تقويم للسلوك وتنظيم للحياة.. من اعتصم به فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم. وانطلاقاً من تلك المبادئ الراسخة حرص الصحابة الكرام رضي الله عنهم والسلف الصالح جيلاً بعد جيل على خدمة هذا الكتاب العزيز، يحفظونه في الصدور، ويدرسونه ويتدبرون آياته.. ويعلمونه ويتفقهون أحكامه وينشرون نوره وهديه في مختلف البقاع، وفي عصرنا الحاضر أكرم الله سبحانه وتعالى المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً بالاعتناء بالقرآن الكريم، ودعم الكثير من المشاريع المتعلقة بذلك من خلال المدارس والمعاهد وكليات القرآن الكريم وأقسامه في جامعات المملكة، والحلقات القرآنية المنتشرة في جميع مناطق المملكة ومدنها وقراها، كما أنشأت الدولة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة الذي يعتني بطباعة المصحف الشريف وترجمة معانيه وتوزيعه وإرسال نسخ منه لكافة بقاع الأرض، فضلاً عن تبني الدولة والعديد من الشخصيات الهامة في المملكة مسابقات التحفيظ المحلية والدولية ورصد الجوائز القيمة لها، وقد كان من شأنها استقطاب الملايين من الشباب والناشئة من الجنسين الذين أقبلوا على مائدة القرآن الكريم تلاوة وحفظاً وتدبراً وعملاً.. فجاءت تلك المسابقات كثمرة من ثمرات عطاء المملكة التي لم تدخر وسعاً في خدمة كتاب الله الكريم. وإني لأحسب مسابقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات واحدة من أهم وجوه خدمة كتاب الله تعالى في المملكة، فهي مبادرة كريمة من سموه الكريم، تقام سنوياً على نفقته الخاصة منذ أن أعلن عنها حفظه الله في الثالث والعشرين من شهر ذي القعدة لعام 1418ه، لتتولى وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد مشكورة الترتيبات اللازمة للدعوة لها وتنظيمها، لقد أجمع الكثير من المعنيين بحفظ القرآن الكريم على ما حققته هذه المسابقة من نجاحات كبيرة مشهودة على مدار الأربعة عشر عاماً السابقة إذ عُدَّت نموذجاً مهماً ونبراساً مضيئاً وصورة عظيمة من صور توجيه الشباب من البنين والبنات للتنافس الشريف في حفظ كتاب الله الكريم على النحو المنشود.. والتخلق بأخلاقه وانصرافهم عن مزالق الانحراف ومسالك الفساد، حيث لعبت هذه المسابقة دوراً مهماً في شغل أوقات فراغ الناشئة وفي تنمية الروح الجماعية وحسن التعامل مع الآخرين، وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن حفاظ القرآن الكريم هم من أنجح الطلبة علمياً ودراسياً وأكثرهم انضباطاً والتزاماً بالأخلاق الحميدة، علاوة على ما تميزوا به من جرأة وشجاعة أدبية محمودة. وقبل أن أختتم كلمتي هذه أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز خير الجزاء على تبنيه لهذه المسابقة الهامة، وأن يجعلها في موازين حسناته.. كما أسأله تعالى أن يجزي المختصين في وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الذين ينظمون هذه المسابقة أحسن الجزاء أيضاً.. والله ولي المحسنين والحمد لله رب العالمين. * رئيس الهيئة العامة للطيران المدني