استهلاك السوق السعودية من النفط الخام يعادل 94,7% من إجمالي استهلاك بقية دول الشرق الأوسط، و85,5% من إجمالي استهلاك القارة الأفريقية، و46,1% من إجمالي استهلاك أمريكا الجنوبية، و20,2% من إجمالي استهلاك دول الاتحاد الأوربي. وهذه الأرقام تعطي إشارة إلى ضخامة حجم الهدر الذي تتعرض له الثروة الاقتصادية القومية الأولى للبلاد. وهي نتيجة طبيعية لانخفاض أسعار مشتقات النفط في السوق السعودية مقارنةً بالأسعار العالمية؛ حيث أدى اتساع الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية إلى تهريب مشتقات النفط السعودي بكميات تجارية. وقد بدأت الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية بالظهور منذ عام 2003م. وبالرغم من الارتفاعات القياسية التي سجلتها أسعار النفط الخام خلال عام 2008م، إلا أن الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية لمشتقات النفط بلغت ذروتها في عام 2011م نتيجة لارتفاع تكاليف التكرير وتنامي الضرائب على المشتقات. والجدول المرفق والرسم البياني يوضحان ضخامة الفجوة بين أسعار البنزين والديزل في السوق المحلية مقارنة بمتوسط الأسعار العالمية؛ حيث يلغ سعر لتر البنزين في السوق السعودية 0.6 ريال، بينما يقدر متوسط السعر العالمي للبنزين بحوالي 2.87 ريال في عام 2011م، أي أن سعر البنزين في الأسواق العالمية يعادل حوالي 4,8 مرات السعر في السوق المحلية. أما بالنسبة للديزل، فيقدر متوسط سعر اللتر في الأسواق العالمية بحوالي 3,12 ريالات في عام 2011م، بينما يباع في السوق السعودية ب0.25 ريال، أي أن متوسط سعر الديزل في الأسواق العالمية يعادل السعر المحلي بحوالي 12,5 مرة. ويلاحظ أن أسعار الديزل في الأسواق العالمية أعلى من أسعار البنزين، والسبب في ذلك يعود إلى أن حجم الضرائب على الديزل أعلى، كما أن البنزين يمثل 51,4% من مشتقات برميل النفط متوسط الكثافة، بينما يمثل الديزل 15,3% . هذه الأرقام تفسر دوافع التهريب وأسباب سوء الاستغلال وهدر الطاقة النفطية في قطاعات النقل وإنتاج الكهرباء والمياه. حيث أدى انخفاض أسعار المشتقات في السوق المحلية إلى إصابة هذه القطاعات بخمول في تطوير وسائل الإنتاج الأكثر توفيراً للطاقة. في حين تمكّنت الدول الصناعية خلال الثلاثين سنة الماضية من رفع كفاءتها الإنتاجية وتطوير وسائل إنتاج تعتمد على مصادر أقل للطاقة، وبذا استطاعت استيعاب الارتفاعات الحادة في أسعار النفط خلال عام 2008م، ولم تتعرض إلى حالة من التدهور كما حدث خلال عامي 1979م و1980م.