سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هاجس الأمومة!.. هل تؤيد إنشاء «دور حضانة» داخل الدوائر الحكومية والمدارس لبقاء الأطفال قريبين من والدتهم؟ المرأة العاملة تعاني من بقاء أطفالها بعيدين عنها لساعات
حين تناقلت وسائل الإعلام المقروءة صور «ليسيا رونزيللي» -النائبة في البرلمان الايطالي- وهي تحمل رضيعتها على صدرها إلى إحدى الجلسات، كان أكثر ما في الأمر غرابة تعليقات القراء على الخبر، والذي انصب حول كيفية أن تُعبر امرأة عاملة عن أمومتها بشكل علني ودون خجل، وهذا الاستغراب هو نتاج طبيعي لموروث من الأنظمة التي تتعامل مع الأمومة بشكل حازم، ففي الوقت الذي يحتاج فيه الرضيع إلى والدته وحنانها ورعايتها، تقف أنظمة القطاعين العام والخاص حائلاً، وكأنها خصم لهذا الرضيع، أو ضد تلك الأم. إن ما تعانيه المرأة في عملها من خلال ابتعادها عن أبنائها الصغار، يجعل تفكيرها مشغولاً بهم، الأمر الذي لن يساعدها على أداء أدوارها كما يجب، ومن هنا أتت المطالبة بإنشاء «دور حضانة» داخل الدوائر الحكومية أو المدارس، لكي يبقى الأبناء قريبين من والدتهم، وبالتالي يتم الاطمئنان عليهم متى شاءت، إلى جانب أنها ستبدع كثيراً في عملها، ثم انعكاس ذلك على إنتاجيتها. «الرياض» تطرح الموضوع، وتتطرق إلى حقوق المرأة العاملة، فكان هذا التحقيق. دار حضانة في البداية قال «أشرف عثمان الشريف» -محامي-: إن من ضمن حقوق المرأة والأم العاملة أنه على صاحب المؤسسة الذي يعمل لديه (50) عاملة أو أكثر، أن يهيئ مكاناً مناسباً يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات لرعاية أطفال الموظفات، ممن يقل أعمارهم عن ست أعوام، مضيفاً أنه يجوز لأي مسؤول أن يلزم صاحب العمل الذي يستخدم (100) عاملة أو أكثر في مدينة واحدة، أن ينشئ داراً للحضانة، أو يتعاقد مع أي دار، لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست أعوام، مبيناً أنه في هذه الحالة يحدد المسؤول الشروط والأوضاع التي تنظم الدار، ويقر نسبة التكاليف التي تفرض على العاملات المستفيدات من هذه الخدمة، مضيفاً: «بما أن نسبة النساء العاملات سواء في القطاع العام أو الخاص بالمملكة قليلة، ففي تقديري أن هذه الشروط في الوقت الراهن تعد مناسبة وملائمة مع واقع حال عمل المرأة في المملكة، لكن ما يصلح اليوم قد لا يصلح غداً». الطفل إبراهيم يحتاج لأمه في شهوره الأولى ملائمة للواقع وعن ما يترتب نظاماً على اصطحاب الأم لرضيعها في مكان العمل، أوضح «الشريف» أن الأنظمة ذات العلاقة لم تعالج هذه المسألة بشكل واضح، وفي تقديري أن ذلك لا يشكل مخالفة، عملاً بالقاعدة التي تقرر: «لا ينسب لساكت قول، والسكوت في معرض الحاجة إلى بيان يعد قبولاً»، بمعنى أن المنظم سكت عن هذه المسألة، وهنا نرجع إلى الأصل، فالقاعدة الشرعية تقرر أن «الأصل في الأشياء الإباحة»، وبالتالي مباح لها اصطحابه، مؤكداً على أنه لا يرى إعادة النظر في أنظمة الأمومة المعمول بها حالياً، لأنها ملائمة لواقع حال المرأة، ملقياً باللائمة في انتشار فكرة «أبنائنا تربية شغالات» على الأم، محملاً الجزء الأكبر من المسؤولية للأم، مشدداً على أهمية أن تضحي المرأة بالعمل أياً كان، في سبيل تربية وتنشئة أبنائها على القيم، مبيناً أن الدولة وفرت لها على الجانب الآخر الحماية ضد الفقر والعجز والشيخوخة كالضمان الاجتماعي والعلاج، في حال أنها العائل لأسرتها، أو لم تكن كذلك، وباق المسؤولية يتحملها القطاع الذي تعمل فيه، خصوصاً القطاع الخاص. إعادة نظر وقالت «منيرة سلمان المرشد» -رئيسة قسم شؤون الموظفات في الفرع النسائي لمعهد الإدارة العامة-: النظام لم يتطرق إلى اصطحاب الأم لرضيعها في مكان العمل، وبالتالي لا يسمح لها بذلك، مضيفةً أنه لا يوجد حضانة في المعهد، ولكن المعهد بصدد إنشاء حضانة ضمن خططه المستقبلية، مع انتقال الفرع للمبنى الجديد، علماً أن عدد منسوبات الفرع النسوي (127) موظفة، مشددةً على ضرورة إعادة النظر في إجازة الأمومة، نظراً لاستغلال بعض الحالات لهذا الحق، مقترحةً أن يكون للجهة حق قبول أو رفض الإجازة، مشيرةً إلى أن الأهمية تتطلب أن تكون إجازة الأمومة متصلة بإجازة الوضع، وألاّ تقل إجازة الأمومة عن فصل دراسي، وألاّ تزيد عن عام، مطالبةً بتخصيص بند في ميزانية الجهة لإنشاء حضانة، وفق نظام دقيق يضمن للموظفة الاطمئنان على وضع طفلها، بما لا يؤثر على أداء عملها. ليسيا رونزيللي تحمل رضيعتها في إحدى جلسات البرلمان الإيطالي تخطيط مسبق وذكرت «منيرة المرشد» أن وجود طفل في حياة الموظفة لم يظهر فجأة، بل بعد حمل تسعة أشهر، وكذلك شهرين إجازة وضع، وبالتالي يفترض أن الأسرة قد خططت لهذا الحدث من جميع النواحي، من حيث تنظيم حياتها وتنسيق أدوارها بما لا يتعارض مع مسؤوليتها كأم وكموظفة، لها التزام تجاه مهامها، ومتى ما كان التخطيط ناجحاً، سيؤثر ذلك إيجاباً على العمل وعلى الأم، وعن مقولة: «أبناؤنا تربية شغالات»، رأت أن المرأة التي تغفل دورها وتنشأ على الاتكالية وحب الذات، من الممكن أن تتخلى عن أطفالها، مؤكدةً على أن من يشغلها واجبها تجاه أطفالها، لا تقبل أن تلغي دورها كخادمة، أو تسمح بأن يقال أن طفلها تربية خادمة، مؤكدةً على أن كثير من الموظفات هن قدوة في التنشئة السليمة لأطفالهن ومتميزات في عملهن. أثر كبير وأكدت «فاطمة العلي» -مديرة القسم النسائي في المؤسسة العامة للتقاعد- على أن تنمية الموارد البشرية هو العنصر الأهم في نمو الاقتصاد الوطني، وكذلك المضي قدماً نحو مستقبل أفضل على كافة الأصعدة الإنتاجية والاقتصادية والأسرية، مضيفةً أن وضع قضية الأمومة في إطارها الصحيح نظاماً، هو الأمر الذي من شأنه تفعيل دور المرأة في التنمية الاقتصادية على النحو الأكمل، مبينةً أن الأم إذا ما اطمأنت على أبنائها، استطاعت أن تنجز دون قلق، ذاكرةً أن تطبيق فكرة وجود حضانة في كل موقع عمل به نساء، سيكون له عظيم الأثر على المنظومة ككل، الطفل والأم والعمل، مشيرةً إلى أن الحضانة تترتب عليها نتائج ايجابية هامة، فالطفل لبنة المستقبل سوف ينشأ سوياً، يأخذ كفايته من الحنان والتربية، والأم سوف تهدأ ويذهب قلقها وحنينها لابنها الرضيع، مؤكدةً على أن العمل سوف يزدهر، لأن العاملات شعرن بالراحة النفسية، ليبقى معدل إنتاج العاملة هو الفيصل والدليل. وجود دار حضانة في منشأة العمل يبعث الراحة في قلوب الأمهات إرهاق نفسي وقالت «نوضى العتيبي» -مديرة مبيعات في أحد البنوك-: في القطاع الخاص لا مكان للأنظمة كما هي بنصوصها، ففي الوقت الذي يحق لي نظاماً أن تطول إجازتي إلى ستة أسابيع مدفوعة الأجر بعد الوضع، تكتفي جهة عملي بأسبوعين فقط، الأمر الذي يضطرها إلى إبقاء أطفالها مع الخادمة، وهذا الأمر يورثها إرهاقاً عاطفياً ونفسياً لا ينتهي، مضيفةً أنها امرأة مطلقة وتعول أبناءها، ولا مجال لدي للرفاهية، ذاكرةً أن الحل الوحيد الذي يريحها وأبناؤها وجهة عملها هو حضانة للاطفال في مقر العمل، أو في نفس الحي، ليسهل على الأمهات العاملات الاطمئنان على أبنائهم، موضحةً أن النظام يشترط هذه الحضانة لمن لديه (50) عاملة وأكثر، متمنيةً ألاّ يصبح هذا الشرط عقبة؛ لأن معظم أماكن عمل المرأة المتوفرة في القطاعين العام والخاص لا يتحقق فيها ذلك، مؤكدةً على أنهن لا يطالبن بالكثير، فقط مجرد غرفة نبقي فيها أطفالنا الرضع؛ ليسهل علينا الاطمئنان عليهم طوال الوقت. إجازة مرضية وتحدثت «إيمان المفلح» -معلمة- عن معاناتها مع الأمومة قائلةً: لدينا الإجازة شهران بعد الولادة، ثم من حق الأم أن تلحقها بإجازة أمومة بربع الراتب، بشرط أن تكون موصولة باجازة الوضع، مضيفةً أنه بالرغم من هذه الميزة، إلاّ أن المدرسة ترفض إعطائي إجازة الأمومة؛ لعدم وجود معلمة بديلة، مبينةً أنه قبل الولادة كانت بحاجة إلى راحة طويلة، لكن النظام لا يسمح إلاّ بإجازة مرضية، بل ولا توجد مراكز صحية تعطي راحة أكثر من يومين، ليضطرها ذلك إلى مراجعة المركز الصحي كل يومين لتمديد الاجازة، مشددةً على أن الحل هو زيادة إجازة الوضع، مع تسهيل إجازة الأمومة، أو توفير الحضانات في أماكن العمل، فرغم أن مدرستها بها أكثر من (50) موظفة، إلاّ أنها بلا حضانة حتى الآن!.