استعجل رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي عودته من باريس تحت وطأة حوادث طرابلس من جهة، والشرخ الخطر الذي تواجهه حكومته بعد أن علّق اجتماعاتها في الأول من شباط الجاري على خلفية عدم توقيع وزير العمل شربل نحاس التابع "لتكتل التغيير والإصلاح" لمرسوم بدل النقل. وإذا كانت اجتماعات الحكومة ستعود حتما بفضل الاتصالات والوساطات التي يقوم بها خصوصا رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبعد أن يتم إقرار التمديد لبروتوكول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في الأول من آذار بقرار من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فيكون ميقاتي جنّب ذاته وحكومته المنقسمة على بعضها البعض حرج الموافقة على التمديد، فإن الأكيد بأن تشوّهات اساسية طالت حكومة ميقاتي التي يؤكد أكثر من طرف حكومي فيها بأنّها "باقية بفعل الأمر الواقع لكنّ مكوناتها اشدّ عداء لبعضهم البعض من عداء المعارضة لها!". وتبقى خلفية المشهد السوري هي المتحكمة بالوضع اللبناني الذي يزداد هشاشة بفعل الضغوط الدولية ومنها ما سمعه رئيس الحكومة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من ضرورة ألا يعرقل لبنان قرارات جامعة الدول العربية وخصوصا لجهة الدعوة الى "اجتماع لمجموعة اصدقاء سوريا"، وفيما كان ميقاتي لا يزال في باريس كان وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور يتحفظ في القاهرة على قرارات الاجتماع الوزاري العربي الذي انعقد يوم الأحد والذي دعا الى اجتماع للمجموعة المذكورة في تونس في 24 الجاري. ميدانيا، على الرغم من هدوء الحوادث التي اندلعت بين حيّي باب التبانة وجبل محسن في طرابلس على خلفية المشهد السوري وازدياد الكلام العلني عن أن ما يحصل في حمص سيترجم في طرابلس، فإن الوضع الأمني هناك لا يزال هشا وعرضة للانفجار في أي لحظة وخصوصا مع تزايد الحديث عن مخازن للأسلحة موجودة في المنطقة، علما بأن الجيش اللبناني يحاول إعادة الطمأنينة الى قلوب الأهالي الذين تعرضت منازلهم ومتاجرهم الى أضرار كبرى. مدينة طرابلس هي الخاصرة الرخوة للبنان لقربها من الحدود السورية، وتكوينها الديموغرافي السني، ولكنها أيضا الخاصرة السياسية الرخوة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي قد يفعل اي شيء لتجنيب مدينته حمام دمّ يكون مستقلبه السياسي مع اقتراب انتخابات 2013 النيابية هو أولى ضحاياه. لذا بدأ الرئيس ميقاتي فور عودته الى بيروت اتصالات على أعلى المستويات مع فريق عمله في طرابلس ومع فاعليات المدينة من الأطراف كلها لاحتواء الانفجار الكامن تحت الرماد على خلفية الإنتفاضة السورية. على وقع هذه الحادثة فإن ميقاتي سيواجه ايضا يوم حزن كبير اليوم في 14 شباط وهي الذكرى السابعة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005 وذلك في احتفال حاشد في مجمّع "بيال" ينظمه "تيار المستقبل" وقوى الرابع عشر من آذار ويحضره 4 آلاف شخص وتلقي فيه مجموعة من الخطباء كلمات بهذه الذكرى.