«إنّا لله وإنّا إليه راجعون».. فقدت حوطة بني تميم شيخاً من شيوخها، وشاعراً من كبار شعرائها مساء يوم الاثنين الماضي، وهو الشيخ والشاعر الكبير (ناصر بن رشيد بن عبدالله بن محمد بن جمعان) من أهالي مركز العطيان بمحافظه حوطة بني تميم، وقد بلغ من العمر قرابة التسعة والتسعين عاماً. كانت حياته حافلة بالطاعة والمحبة من الجميع، تغمد الله روحه في الجنة، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. عمي -رحمه الله- شيخ في شعره لما يمتاز به من قوة الكلمة، وصدق التعبير وجزاله المعنى، ويقول الغزل العفيف والرقيق، ويعطي المدح والثناء لمن يستحقه، ولم يذكر أنه اساء لأحد، أو استخدم شعره للاساءة للآخرين. وكان محبوباً من الجميع الصغير قبل الكبير، وكان محبوباً في مجالسهم بحضوره الشعري ورواياته الشعرية للمواقف التي مرت عليه في حياته، كما كان شيخاً يملك ذاكره قوية للأحداث وسردها للحاضرين، كذلك كان محبوباً من الجميع والالتقاء به، واصطحابه لمجالسهم ورحلات البر، حيث تنقل في آخر حياته بعد وفاة زوجته عمتي مابين حوطة بني تميم والرياض، وكان وفياً لديرته، ومحباً ومدافعاً عنها بشعره، وكريماً في عطائه، ومع كل ذلك كان شيخاً قوي العزيمة وعدم اليأس بالرغم من مرضه في آواخر عام 1432ه، إلاّ أنه كان دائماً شجاعاً في مواجهة مرضه، ويشعر بانه مازال قوياً في صحته وبدنه، ودائما يقول لابنه (رشيد) أنا طيب وبخير. كان عمي -رحمه الله- محباً وملاطفاً للصغار خاصة أبناء بناته، وكانوا عندما يؤدون له خدمة أو مساعدة بسيطة يقول فيهم أبياتاً شعرية بصوته، وهذه الأبيات نمت فيهم روح المحبة والسعادة لجدهم، واصبحوا يحتفظون بتلك «الشيلات» في هواتفهم الجواله. هكذا الدنيا ليس لها صاحب أو صديق. لقد ودعت محافظة حوطة بني تميم شيخاً وشاعراً كبيراً فنسأل الله جلا جلاله وقدرته أن يغفر له ويرحمه، وأن يبدله داراً خيراً من داره، وأن يجعل روحه في العليين، وأن يجعل قبره روضه من رياض الجنة. وأخيراً أشكر شيوخ وأعيان وأهالي حوطة بني تميم، والزملاء على مشاركتهم لنا العزاء سواء حضورياً أو هاتفياً. * ضابط متقاعد ومدير متحف نفحات الماضي بمحافظة الحريق