تعد مدينة الرياض مدينة تاريخية عميقة الجذور وهي اليوم حاضرة عالمية كبرى بسكانها ومرافقها وخدماتها فضلا عن ثقل مركزها السياسي والاقتصادي والحضاري، فمن الناحية التاريخية، لعبت دورا بارزا في تاريخ نجد عبر أكثر من ثلاثة قرون، فكانت عاصمة الدولة السعودية الثانية في عهد الإمام تركي بن عبدالله عام 1240 الموافق 1824م، وعاد لها مجدها بعد استعادة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في الخامس من شوال عام 1319ه الموافق 15 يناير 1902م لتبدأ على أرضها صناعة النهضة الحديثة، أما الرياض قديما فلقد كانت السمة الغالبة عليها كثرة الحدائق والبساتين، سواء كانت داخل الحامي أو خارجه، وكان المزارع يعد هو الغني في ذلك الوقت. وأما عن مدينة الرياض فلقد كانت تعرف بهذا الاسم منذ ثلاثمائة سنة وسميت بذلك لكثرة الحدائق والبساتين وجريان العيون فيها؛ ولاخضرار أرضها وخصوبة تربتها، ولقد كانت الرياض تعرف باسم حجر بفتح الحاء وتسكين الجيم، ويقال سبب تسميتها نسبة إلى خضوعها إلى مملكة كندة الحارث بن عمرو الكندي حفيد الزعيم الكندي حجر، ويرجع تاريخها إلى 715 قبل ميلاد المسيح عليه السلام، واستوطنها في ذلك التاريخ قبيلة طسم وجديس وهما من قبائل العرب القديمة حيث ترجع طسم إلى قبيلة ثمود إلى جد واحد وهو سام بن نوح، ولقد وصفها الرحالون قديما بأنها مدينة واسعة الأرجاء، وكبيره تحيط بها المزارع والعيون والحدائق من كل جانب، وكانت مركزا تجاريا في وسط جزيرة العرب، وملتقى للقوافل التجارية، حيث كان بها سوق كبير ولقد ذكر الأصفهاني عن السوق بأنه كان يبعد عن منفوحة ميلين، ما يعني أنه يقع في المناطق المحيطة بالجامع الكبير من الناحية الشمالية الغربية، وتعد طسم وجديس من القبائل البائدة حيث تركت هاتان القبيلتان آثارا من الحصون التي شيدت في أقليم اليمامة، ثم جاءت بعدهم الدولة الكندية ثم غادروها بعد فترة بسبب الحروب وتمزق اتحادها، ثم جاء بنو حنيفة بعدهم واستقروا وسمي بعد ذلك واديها الشهير وادي العرض بوادي حنيفة، بعد أن حل بنو حنيفة في هذا المكان، ولقد ازدهرت حجر التي تقع بين وادي الوتر (البطحاء) ووادي العرض (حنيفة) في عصر بني حنيفة، وظلت على هذه الأهمية حتى في العصر الإسلامي، ولقد اشتهرت اليمامة في عهد بني حنيفة بالزراعة، وخصوصاً زراعة القمح والنخيل، ولا ننسى موقف الصحابي ثمامة بن أثال عندما أسلم وهو سيد من سادات بني حنيفة، حيث أراد استخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية، ومنع القمح عن قريش، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض ذلك، أما في العصرالعباسي فلقد كانت تعد حجر في العصر الإسلامي عاصمة لإقليم اليمامة حتى فقدت قيمتها بعد ذلك في القرن الثامن عشر وتحولت إلى قرى صغيرة من أشهرها: مقرن، ومعكال، والعود، وجبرة، والصليعاء، والخراب، ثم سميت بعد ذلك بالرياض ولم يبق من حجر سوى قصر في نخل على وادي البطحاء لينحصر الاسم بعد ذلك في بئر ذلك النخل، وكانت تعرف بوقت قريب ببئر حجر، حيث تم ردمها ويمر بها حاليا شارع الملك فيصل (الوزير) كما ذكر الشيخ حمد الجاسر في كتابه مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ، وأما عن تحصيناتها بالأسوار عبر التاريخ فلقد سورت قبل الجاهلية عندما كانت تسمى حجر، وكما سورت في العصر الأموي ثم سورت في عهد دهام بن دواس وأخيرا سورت في عهد الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه بعد دخوله الرياض عام 1319ه لتستقر الرياض بعد ذلك بعد طول صراع وحروب. ولقد بنى الملك عبدالعزيز السور والبوابات خلال 40 يوم حتى يتمكن من صد هجمات خصومه ويحتوي السور على عدة بوابات ففي الشمال دروازة آل سويلم نسبة إلى أسرة من أهل الرياض؛ لأن الدروازه تؤدي إلى نخلهم، أما في الشرق حيث كانت دروازة الثميري وهي من أكبر البوابات وأشهرها؛ لأنها تعد المدخل الرئيسي للحكومة، وفي الغرب دروازة المذبح وسميت بهذا الاسم لأن القصابين (الجزارين) يذبحون الحيوانات من غنم وأبل خارجها، ثم دروازة الشميسي حيث كانت تشمل دروازة المريقب وموقعها في الجنوب الغربي، وهي غرب مسجد المريقب نسبة إلى جبل بهذا الاسم، وكذلك هناك بوابة الظهيرة وسميت بذلك على اسم حارة الظهيرة وموقعها في الغربي الشمالي من مسجد الشيخ محمد الشويعر شمال سوق سويقة، وفي الجنوب دروازة دخنة، وسميت بذلك لقربها من حي دخنة ثم تأتي هناك البوابات الصغيرة التي كانت مخصصة فقط للدخول والخروج للراجلين مثل دروازة القري شرقا، وجنوبا دروازة عرعير، وشمالا بجنب بوابة المريقب دروازة مصدة، ولقد كانت هذه البوابات تغلق عند غروب الشمس وتفتح عند طلوعها في كل يوم. الرياض حديثاً تعد الرياض من أسرع مدن العالم نموا وتطورا وهي من أكبر المدن العربية مساحة حيث عدد سكانها أكثر من خمسة ملايين نسمة وتبلغ نسبة الأجانب فيها 34% ومن خلال نصف قرن تحولت الرياض من مزارع وبيوت طينية إلى مدينة عصرية حيث تبلغ مساحة النطاق العمراني بمراحله الأولى والثانية والثالثة 2000كم2 أي: ما يساوي ثلاثة أضعاف دولة البحرين أو سنغافورة.