خرجت في عطلة الأسبوع في صباح باكر بحثاً عن التغيير لتناول وجبة إفطار خارج المنزل.. في المطعم، لاحظت ان المشرف (عربي مسلم) يدير مجموعة من العمال من دولة آسيوية ولفت نظري انه يتعامل معهم بطريقة فظة بدون مبرر. ولاحظت كذلك نظرات التذمر المتبادلة بينهم. أمام هذا المنظر بدأت استرجع نظريات السلوك الإداري، ومبادئ الإشراف، وأهمية الحوافز، والتقدير والاحترام، والكرامة الإنسانية. الصورة أمامي ان الجميع يعمل بحماس ونشاط، فما هو مبرر صراخ المشرف؟ فقررت أن أمارس (لقافتي) الإيجابية إن شاء الله، واستأذنته بأنني أريد أن أتحدث إليه فرحب بذلك. قلت له من الواضح انك مشرف تسيطر على العمل، ويتسم أداؤك بالجدية، ولكني أرغب في توجيه نصيحة أخوية لك فهل تقبلها، فقال تفضل، قلت له: إن هيبة المدير لا تكتسب بمناداة العامل بكلمة (هيه). وأعتقد أنك سوف تكسب احترامهم إذا ناديتهم باستخدام كلمة (لو سمحت) وإذا احترمت الآخرين احترموك وأنا حقيقة أخاف عليك من الاستمرار في التعامل معهم بهذه الطريقة التي يشعرون انها إهانة لهم. شكرني المشرف على هذه المبادرة وهو متردد في الاقتناع بما أقول، وقال: يا أخي هؤلاء عمال ولا ينفع معهم غير هذا الأسلوب. قلت له: ولكنهم بشر، والإنسان يعمل وينتج، ويتقبل النقد، ولكنه لا يتقبل الإهانة. قال: شكراً على النصيحة، وسوف أحاول التغيير في طريقتي. قلت له: جرب ولن تندم. وبينما كنت أنوي المغادرة بعد أن شكرته على تفهمه وتقبله لملاحظاتي بروح (أفضل من الروح الرياضية السائدة هذه الأيام)، إذا به يناديني ويقول: يا أخي لو سمحت، لقد تذكرت الآن ان البعض (حسب ما سمعت) يعامل عاملة المنزل، والسائق معاملة سيئة في البيوت، وأن هذا أحد أسباب الهروب أو حتى الحوادث المؤلمة التي نسمعها في الأخبار. قلت له: أؤكد لك ان ما سمعته صحيح وأن بعضنا يعتقد ان الحاجة التي أجبرت عاملة المنزل على الغربة والعمل الشاق تسمح لهم بممارسة الإهانة أو الظلم في ساعات العمل. يا أخي الكري، هذا السلوك مرفوض سواء في مواقع العمل كما هو الحال في هذا المطعم أو في البيوت، وهناك فرق بين من يعمل برغبة، ومن يعمل برهبة، وفرق بين من يعمل بكرامة وآخر يعمل وكرامته مهانة. قال: أنا أعمل في مكان عام، وهناك من يلاحظني ويقيّم أدائي من الرؤساء أو من الزبائن كما فعلت أنت. ولكن من يقيم أداء التعامل مع العاملة المنزلية، والسائق في البيوت؟ قلت له: أولاً هناك مخافة الله، والمسلم هو الذي لا يتناقض سلوكه مع القيم التي يؤمن بها. ثانياً: هناك السفارات والقنصليات ومن حقها أن تمارس دورها في المتابعة، والدفاع عن حقوق مواطنيها. قال: هل أفهم من كلامك أن ندير العمل بطريقة تجعلهم يحبونني، الذي أعرفه وقرأت عنه من تجارب الآخرين أن السعي لإرضاء الجميع هو أحد أسباب الفشل؟ قلت له: أنا لا أقصد أن تجاملهم على حساب العمل، ولكن ان تحترمهم من أجلهم، ومن أجل العمل، وبهذا تتحقق الفائدة للجميع. حاول أن تكون صديقاً لهم مثلما أنت صديق لعملك.