العازف الماهر أو المحترف هو الذي يحرص كثيراً على دوزنة آلته الموسيقية قبل العزف عليها. في الطرف الآخر المتذوق الجيّد للموسيقى تستطيع أذنه التقاط نغمة نشاز فيما لو حدثت من عازف في جوقة أو في أوركسترا. في حياة البشر أيضا تحتاج الأرواح والوجدانات لدوزنة كي تتناغم مع إيقاع الحياة ومكوناتها من بشر وأشياء وظواهر. الروح غير المدوزنة صاحبها مُشتت الأفكار قلق يقع في مآزق وورطات. لا مناص من التكيف مع متغيرات الزمن وضبط حالة العقل والروح لكي تتقبل كل جديد أو على الأقل لا تناصبه العداء سيّما لو تبناه المجتمع أو معظم أفراده. دعونا نقترب قليلاً من الفكرة لأضرب مثلاً في كيفيّة دوزنة الفكر والوجدان وحتى السلوك فيما لو طرأ جديد على حياة الإنسان. اعتقد بأن الاقتران بزوج/ زوجة من أكبر وأكثر المحطات تغييراً في رحلة الحياة. هل يظل الرجل أو المرأة بعد هذا الاقتران بنفس الرؤى والأفكار وأنماط السلوك التي كانا عليها من قبل؟ أكيد لا . إذاً لابد من إعادة (برمجة) كثير من الأشياء حتى تتناغم مع أسلوب الحياة الجديدة. إخفاق الشراكة في مؤسسة الزواج يعزوها البعض لعدم قدرة أحد الأطراف التكيّف مع هذا المُتغير ونسيان ما اعتاد عليه في الماضي. من هنا يمكن القول بقدرة الفرد على دوزنة روحه ووجدانه بما يتناسب مع أيّ من المُستجدات. في الغالب يواجه كبار السن صعوبة في دوزنة وجداناتهم وأفكارهم وأنماط سلوكهم ما يجعلهم في معاناة مع الجديد، لهذا تُصبح مسؤوليّة أفراد الأسرة جميعاً أكبر أثناء محاولتهم التخفيف مما يُسمى ب ( الصدمة الحضارية). السؤال : كيف يمكن فهم مقاومة شباب متعلّم يعيش في مجتمع متحضر سريع التغيير لكل جديد؟ ولماذا أخفقوا في دوزنة أرواحهم وأفكارهم لتقبّل هذا المتغيّر؟ كاتب هذه السطور ليس اختصاصياً في علم الاجتماع لهذا سأترك الإجابة لمن لديه الاستعداد لإجراء دراسة بحثيّة حول هذا الأمر لعلنا نخرج بنتيجة تفيد في تخفيف الكثير من الاحتقان الذي يعترض بعض الأجهزة والمؤسسات الأهلية والحكومية حين تواجه التعنّت من أصحاب عقول الصناديق المُغلقة..! *من صندوق بريد المعاناة: بعث لي ع. المنصور بمعاناته التالية : " نحن خريجو الخدمة الاجتماعية كابدنا وتعبنا في طلب العلم لكي نساهم في خدمة الوطن من خلال تخصص مهم فتم تخريج الآلاف منا ولم يؤمّن لنا وظائف ؟ ففي القطاع التعليمي على سبيل المثال يتضح الظلم بتفريغ المعلمة/ المعلم الذين أنهكهم التدريس ليتم تعيينهم مرشدين طلابيين وهم في الغالب غير أكفاء لذلك، بينما نحن درسنا لكي نساهم في تنمية الإرشاد وهو جزء من تخصصنا. لماذا تتجاهلنا وزارة التربية والتعليم وتستبعدنا؟ يُفترض بالوزارة أن تعمل على إيجاد أخصائي اجتماعي مُؤهل علميا في كل مدرسة كما هي حال الدول المتقدمة.الإرشاد الطُلابي حق لنا " أ.ه لوزارة التربية والتعليم الحق في الرد.