منذ أن تم تشكيل إتحاد دول مجلس التعاون الخليجي، أي منذ ما يزيد على ربع قرن، أخذت الدول الاعضاء على عاتقها العديد من الأمور الاستراتيجية الهامة، والتي كان من أبرزها القطاع الصناعي الذي يعتبر واحداً من أهم الخيارات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون، وقد سعت الدول الأعضاء خلال العقدين الماضيين إلى إرساء دعائم قوية لاقتصاد مستدام ومتنوع يرتكز على الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية ويشجع الروح الاستثمارية لدى الأفراد والمشروعات الخاصة ويكون على درجة عالية من الاندماج في الاقتصاد العالمي الذي يتطور بشكل مضطرد، لذا عملت دول المجلس على تنويع مصادر الاقتصاد من خلال صياغة أهداف طموحة لتنمية القطاعات غير النفطية وعلى رأسها القطاع الصناعي لما له من دور هام في أي تركيبة اقتصادية ناجحة ومستقرة بالإضافة الى دوره الكبير في كثافة وترابط العلاقات الاقتصادية داخل دول المجلس وخاصة في حالات الركود التي تصيب قطاعات المال والسياحة والتجارة والعقار. لقد شهد العالم مع بداية هذا القرن إقبالا متزايدا على المعرفة وتكنولوجيا المعلومات كعوامل حتمية للاندماج في منظومة الاقتصاد الجديد بعد تراجع دور المزايا النسبية لعوامل الإٌنتاج التقليدية كالأرض والعمالة ورأس المال، حيث أصبحت المعرفة تشكل المحرك الأول للإنتاج والنمو الاقتصادي و تمثل - طبقا لتقديرات الاقتصاديين - أكثر من 50 % من الناتج المحلي الإجمالي في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، وسوف تتطلب عملية الاندماج في الاقتصاد المعرفي توافر وتعبئة مجموعة من العوامل الهامة، المادية والمعنوية ومضاعفة الجهود وتنسيق السياسات والتعاون بين الجهات العربية بمشاركة جميع الهيئات والمؤسسات المعنية في القطاعين العام والخاص والمنظمات المتخصصة. وهنا يبرز الدور الهام الذي يؤديه مؤتمر الصناعيين الخليجي في دورته ال 13 الذي اختتم مؤخرا في الرياض كحدث يركز على توظيف التقنيات الحديثة في الإنتاج الصناعي، مما ينبغي على دول مجلس التعاون التركيز على توصياته ونتائجه في ظل المنافسة الحادة في الأسواق العالمية. النهضة التنموية الصناعية لا يمكن أن تحدث إلا من خلال الأخذ بالمعرفة الاقتصادية والصناعية كمداخل مهمة لتطوير قطاع الصناعة وتوفير قيمة مضافة لهذا القطاع تساعده على المنافسة والتميز وتحسين الإنتاج. وخلال العقدين الماضيين قطعت دول مجلس التعاون شوطا كبيرا في تطوير قطاعاتها الصناعية وقدمت جميع أنواع الدعم اللازم للصناعة من خلال قروض صناعية وبرامج واستراتيجيات لتطويرها وزيادة قدرتها التنافسية في إطار الجهود المتواصلة لتنويع مصادر الدخل فيها وهذا ما يؤدي – بدوره - إلى إحداث نهضة تنموية شاملة من جميع الجوانب الاقتصادية. لقد شكل مؤتمر الصناعيين الخليجي على مدى 13 عاما علامة فارقة في تطوير القطاع الصناعي والنهوض به نهضة عملاقة نحو العالمية ومواكبة ركبها الذي يسير بخطى متسارعة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار النماذج الناجحة المشاركة من الدول التي استخدمت التقنية الحديثة في صناعاتها مما يؤكد على أننا في دول الخليج لدينا القدرات والكفاءات القادرة دوما على التفكير والابداع في التقنية الصناعية. *العضو المنتدب لمجموعة السريع التجارية الصناعية التجارية