بات ارتفاع أسعار العقارات السكنية "إيجاراً وتملكاً" معضلة لم تجد حلاً إلى الآن في زمن ارتفع معه قيمة كلُّ شيء، ولم يعد الخيار أمام البعض من الشباب المتزوجين إلاّ العيش تحت جلباب الأب، في حالة من الإقتناع المادي لا الشخصي، وتكون بذلك "شقة السطح" الخيارَ الوحيد الذي فرضه الحال لبعض من هؤلاء المتزوجين، في ظل ضعف المادة التي بالكاد تلبي النفقات الأساسية لمتطلبات الأسرة، وما زاد الأمر تعقيداً هو استمرار ارتفاع الأسعار من جهة، ومن أخرى غياب المبادرات الجادة لتسهيل وبناء وحدات سكنية للشباب من ذوي الدخل المحدود بأسعار رمزية، فمن هنا أصبحت شقة السطح في منزل الوالد هي المظلة الآمنة لدى البعض لتقيهم لهيب الأسعار؛ لِحين إيجاد السكن الذي يتناسب مع الإمكانات المادية. "الرياض" التقت شباباً متزوجين سكنوا السطوح، ولم يخفوا الحال الذي وصل بهم إلى درجة محايلة الزوجة للرضا بالقرار، ويقابل ذلك صمودهم أمام همزات الأقارب والأصدقاء حول مكان السكن. الحل الوحيد بدايةً قال "خالد سالم" إنّه لم يجد حلاً يتناسب مع إمكاناته المادية في دفع قيمة الإيجار الشهري لشقته التي كان يسكن فيها، إلاّ أن يعود إلى منزل والده الذي وفر له شقةً في منزله الخاص، والذي يتكون من دورٍ واحد، وهذا ما جعله يبني شقةً على السطح بكافة خدماتها، وتتكون من ثلاث غُرف وصالة، وأنّ هذا الموقف الأبوي في الحسبان بكل تفاصيله، ولكن داخل النفس شيءٌ آخر يجعله يفكر كثيراً في تحقيق عوائد أكثر، ليستطيع تكوين حياته الأسرية من جديد في محاولة أخرى للإستقلالية. "ما باليّد حيلة"! ومن جانب آخر لم يُخفِ "نايف سعد موسى" -الذي يسكن مع والده بملحق سكني- خلافاته المستمرة مع زوجته، والتي رأت أنّ الوصول للشقة يعتبر معاناة لها، ويزيدها عدم وجود مصعد، مضيفاً أنّه منذ تزوج وهو يسكُن في منزل والده المكون من عدة شقق مؤجرة، وقد قدَّم له الملحق بالدور الثالث بدون مقابل، لمعرفته بتدني مرتبه الذي لم يتجاوز أربعة آلاف ريال، ولكن ما إنْ سكن فيه إلاّ وبدأت زوجته تُظهرُ الاستياء من الوصول للملحق، خصوصاً في فترة الحمل، ولكن الوضع المادي لا يسمح بأن يستأجر شقةً مستقلة، وأنّه لا يملك سوى الصبر على زوجته فقد تعود على تكرارها عباراتها حول السلم ولكن "ما باليد حيلة"!. أسكن مع أهلي مجاناً ومستقل ولا أدفع لغيري مبلغاً وقدره.. والنهاية «طفران» ارتفاع الإيجار ولم يبتعد كثيراً حال الشاب "فائزالعلياني" عمن سبقوه في اتخاذ قرار العودة السكنى مع الوالد، حيث قال إنّه كان مستقلاً في شقة استأجرها بعيداً عن أسرته، ولكن ما جعله يتخذ قرار العودة لمنزل والده هو رفع مالك الشقق الإيجارات على المستأجرين، ولم يكن مرتبي يغطي مصروفات المنزل، وقسط السيارة، والإيجار الشهري، وعندما وجدت إصرار المؤجر على رفع الإيجار اضطررت للعودة لمنزل والدي، والذي هيأ لي الملحق كون منزل الأُسرة لا يكفي لنا جميعاً، ولو أنّي لم أجد سوى غرفة واحدة لقبلت بها. مرحلة التأسيس ويرى "عبد المجيد محمد الحلافي" أنّه لا مانع من سكن الشّاب في الملحق أو شقة السطح متى ما كانت هناك ضرورة تستدعي ذلك، خصوصاً في ظل محدودية الدخل وارتفاع الإيجارات، مبيناً أنّه يسكن في منزل والده منذ ثلاث سنوات من زواجه، ولديه ولدان ويعتبر الملحق متنفساً للأسرة كاملة، موكداً على قبول زوجته لسكنه مع أهله، مشيراً إلى أنّه يدرك أنّ هذا ليس حلاً مثالياً ولكن؛ هي مرحلة لابد أن يرضى بها، فهي تعتبر مرحلة تأسيس للحياة القادمة، ويكون بعدها فترة الانتقال الذي يحلم فيه بمنزل مستقل يملكه. «أهل الكلام» ما راح يقدمون لك قسط الشقة أو يتركونك في حالك.. أربع سنوات فقط وكشف "أيمن محمد" بأنّه سكن في شقة سطح منزل والده وله عام كامل منذ زواجه، وأنّ زوجته قبلت بالسكن عندما أوضح لها من بداية زواجهم أنّ لديه التزامات مادية، ولا تسمح له بأن يستأجر سكناً خاصاً به حتى ينهي الأقساط البنكية، والتي تتقاسم معه نصف مرتبه، إلاّ أنّ زوجته اشترطت هي وأسرتها على أنّ لا تتجاوز مدة السكن مع أهله أربع سنوات. السطح كان ملعباً للابن في طفولته ومسكنه بعد الزواج تبدد الأحلام وبيّن "متعب محمد الخالدي" أنّه تنازل عن أشياء كثيرة كانت من أحلامه قبل الزواج تخُصّ السكن، وقال: "ما إنْ بدأت حياتي الزوجية حتى أدركت فعلاً حجم المسؤولية التي وقعت على عاتقي، ولم يكُنْ أمامي خيارٌ سوى السكن مع أسرتي، وذلك في الملحق السكني على السطح، بالرغم من عدم قناعة زوجتي بالحال، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن". مجتمع نقّاد فيما قال "عبدالرحمن سعد": "مشكلتنا في هذا المجتمع أننا لا نقبل الحلول أحياناً، ولا نؤمن بأنّها مرحلة فقط، وأنّ السكن في شقة السطح هو حل، وما واجهته من بعض أقاربي من التقليل في شأني ونقدهم الدائم لسكني أمر يزعجني كثيراً، وقد أثّر ذلك على حياتي الزوجيه وأثار المشكلات حول الموضوع بيني وزوجتي". الأزمة السكنية وأشار متعاملون في السوق العقاري أنّ موجة الارتفاع التي لا زالت ملازمةً للإيجارات السكنية منذ فترة طويلة، والتي تَشْهَدها كافة مناطق المملكة تحتاج تدخلاً سريعاً من الجهات المختصة، لحل الأزمة السكنية والتي يعاني منها عددٌ كبير من الشباب، وقال"سعيد جرمان"-عقاري-:" إنّه من الضروري إيجاد حلول مستقبلية لوضع السكن، لتكون الأمور ميسرةً للشباب من ذوي الدخل المحدود، فالعودة لمنزل الأب ليس الحل الأمثل أمامهم"، متمنياّ أنْ يكون ذلك مرحلة تأسيس في تكوين ما تتطلبه الأسرة من مقومات أساسية لعل أهمها السكن.