صباح السلطانات اللواتي بتن يجلسن على عروش العفة واللقمة الحلال في أسواقنا, صباح المسوّرات بالإرادة والمزنرات بالأمل والمتأهبات إلى خطوة أكبر في مسيرة وطن . صباح اللواتي نفضن عن عباءاتهن الساترة الضافية غبار الطريق ووعثاء افتراش الأرصفة بين أقدام المارة , جوار البوابات الجانبية والخلفية المواربة يمددن أيدي مكفنة بانكسار اليد السفلي . صباح بنات الوطن خطرن يرسمن خريطة جديدة لدروب النساء . صباح يحقق فيه التاريخ غاياته المتبدلة وأيامه المتداولة , فمهما قامت السدود في وجه تيار الزمن الهادر لايلبث أن يكتسحها ويحيدها ويقصيها كقشة منسية على ضفافه. صعوداً درجة تلو الأخرى تستعيد المواطنة حق مواطنتها , لن يقول لي أحد هنا : إن عمل المرأة كبائعة في محل ملابس نسائية هو عمل هامشي وحيادي، ولا يحقق طموحنا لنساء الوطن , فمثل ذلك الطرح المثبط المحبط هو ينطلق من نفس المنطلقات المتطرفة على الضفة الأخرى، والتي ما برحت تصر على وهم (الدرة المصونة والجوهرة المكنونة) . المهم في الأمر هنا هو وعي اجتماعي يؤمن بحقها في المشاركة بالمسيرة التنموية , هذا الوعي عندما يتحول إلى مسلّمة عندها باستطاعتها أن تعالج الكثير من الأبواب المغلقة , على سبيل المثال قريبا ستختم المرأة جوازات السفر على المنافذ الحدودية . مانراه في المشهد الآن أمامنا , هو نافذة تسرب شعاع ضوء لأكوام هائلة من الفتيات حبيسات الظروف والحاجة وذل اليد السفلى وخطرها في نفس الوقت , خاضعات لحصار يصبح أقصى طموحهن داخله هو تعيين في قرية نائية يذهبن إليها صباح مساء من بين فكي الموت وأشداقه , أو زواج مسيار يلوح لهن بحل لأزمتهن الاقتصادية , هذا بعد أن وصلت نسبة البطالة بين النساء في السعودية 28.4 % أي مايعادل ثلث عدد النساء القادرات على العمل , 78% من هؤلاء خريجات جامعيات. مايحدث الآن هو التفات رسمي جاد وخطة إنقاذ عاجلة , 150 ألف وظيفة كبائعة ملابس , أي 150 ألف بيت سعودي سيتحسن ويرتفع معدل دخله , و150 ألف وافد سيعود إلى وطنه مرافقا بالسلامة والأماني الطيبات . هو طي لصفحة سنوات طوال ظلت النساء بها تبتاع حاجياتها الخاصة جدا , إما من شاب رقيع، أو وافد محروم على مشهد ومرأى من حماة الفضيلة وأسود الآداب . في الأسبوع الماضي كثر اللغط حول النساء وأوضاعهن وحيزهن ومحرمهن وغيابهن وحضورهن بشكل محزن , وجميع اللغط الذي كان يبقيهن مقتنى ثقيلا ومكلفا وحقيبة ملغمة , غائبة الوعي مشلولة الإرادة , بينما على أرض الواقع كن فقط يكابدن خطواتهن الأولى المتعثرة ويحاولن قطف بعضٍ من حقوق مواطنتهن سواء كمبتعثات أو مشاركات في مؤتمر أو بائعات في محل ملابس نسائية , كثرت الجعجعة بلا طِحن واستبدت القنابل الصوتية الجوفاء , لكن توالت خطواتها المصرة الدؤوبة باتجاه دروب المستقبل هل تراها كانت فقط تستجيب لهدي نبيها واليد العليا خير من اليد السفلى؟ دعوها تتسنم عروش العفة واللقمة الحلال , اتركوها تنال جزءاً من حقوق مواطنتها.. صباح الوطن ..