قال المستشار القانوني محمد بن عبدالله السهلي ان ازدياد الوعي لدى مختلف شرائح المجتمع بثقافة الحقوق والواجبات، واتساع نطاق وسائل الاتصالات والإعلام، من الطبيعي أن يزداد معه اهتمام المجتمع بالحوادث التي تثار بين فترة وأخرى وتصنف من قبيل قضايا الرأي العام لفداحة الخطأ المنسوب للجهة الحكومية أو الخاصة أو الفرد الذي ارتكبها وعظم المصاب من الخسائر البشرية والمالية الناتجة عنها . فعلى سبيل المثال وخلال الفترة القليلة الماضية شهد الرأي العام اهتماما ومتابعة لقضية حريق مدرسة براعم الوطن في جدة وحادثة سير أدت إلى مقتل 12 طالبة في مدينة حائل وغيرها من الكوارث والحوادث ولعل كارثة سيول جدة أشهرها وآلمها. والحل الذي يرتضيه أفراد المجتمع ويطالبون به هو الكشف عن نتائج تلك التحقيقات وما يصدر به القضاء من أحكام بحق المدانين في تلك القضايا، أي المطالبة بالتشهير بالمدانين تحقيقاً للردع وإظهاراً للشفافية في توجه الدولة في محاربة الفساد والمفسدين. ويواصل حديثه مؤكداً أن التشهير بالمدان خاصة في قضايا الرأي العام هو بلا شك عقوبة نفسية ومعنوية لها أثر بالغ في تحقيق الردع والعظة والعبرة. فمن الناحية الشرعية اتفق الفقهاء على أن التشهير عقوبة تعزيرية يجوز للقاضي إيقاعها على الجاني متى رأى في ذلك مصلحة للمجتمع. ولا أدل على تلك المصلحة ما جرى عليه العمل الآن في إعلان وزارة الداخلية اسماء المحكوم عليهم في جرائم القصاص والسرقة والحرابة وغيرها من جرائم الحدود. وإن كان هناك خلاف حول ما إذا كان التشهير عقوبة أصلية ام تكميلية، إلا ان هناك اتفاقا على أهميته رغم عدم العمل به في الكثير من الجرائم وذلك بخلاف ما نصت عليه بعض الأنظمة صراحة. فمثلاً نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/36 بتاريخ 29/12/1412ه قد نص في المادة (21) منه على ما يلي " على وزارة الداخلية نشر الأحكام التي تصدر في جرائم الرشوة وإعلانها" كما أن نظام مكافحة الغش التجاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 19 بتاريخ 23 / 4 / 1429ه قد نص في المادة (25) على ما يلي: “ينشر على نفقة المحكوم عليه ملخص الحكم النهائي بالإدانة في إحدى المخالفات المنصوص عليها في المواد السابقة في جريدتين يوميتين تصدر إحداهما في المنطقة التي وقعت فيها المخالفة أو أقرب منطقة لها " وغيرها من الأنظمة الجنائية التي تنص على وجوب التشهير بالمدانين . وقال ان التغطية الإعلامية للمحاكمات وما يصدر بها من أحكام نهائية أمر هام لنشر الثقافة القانونية في المجتمع من خلال نشر إجراءات الدعاوى واختصاص المحاكم بأنواعها وتقديم معلومات عن النظام القضائي والقانوني في المملكة عموماً، وقطع الطريق أمام الإشاعات التي قد تنتشر بين أفراد المجتمع حول الدعاوى القضائية المعروضة أمام المحاكم والتي تجد طريقها على وجه الخصوص في المجالس الخاصة ومنتديات الانترنت غير الرسمية، مع التأكيد في هذا السياق أن التشهير لا يجوز شرعاً ونظاماً إلا بعد صدور حكم نهائي مكتسب الصفة القطعية التنفيذية من الجهة القضائية المختصة.