لا شك أن عام 2011 لم يكن أحسن الأعوام المهنية بالنسبة للصحافة الفنية، في محيط أحداث الشوارع العربي الدامية. ثمة سؤال أخلاقي طرأ وتم تداوله بين الصحفيين الجادين، وهو: كيف يمكن أن تكتب خبراً فنياً في الوقت الذي يسقط فيه العشرات بل المئات صرعى في هذا الشارع العربي أو ذاك. ولأننا نعرف أن الترفيه والإمتاع وظيفة من وظائف الصحافة الفنية، إلى جانب الرقابة ونقد المشهد الفني؛ إلا أن حدث الثورات العربية وتلطخ الشاشات بلون الدم، لم يؤثر فقط على الصحافة الفنية في شقها الخبري وحسب وإنما أثر على كثير من المصادر الخبرية وخاصة التواصل مع نجوم الفن في العالم العربي؛ إذ إن كثيراً من نجوم الفن وخاصة في الدول "الملتهبة" أحجمواً عن الظهور الإعلامي، بل إن بعض هؤلاء النجوم، طلب من وسائل الإعلام أو المواقع الالكترونية الفنية أن لا تكتب أخباراً عنها، احتراماً لمشاعر الناس. الكدر في المزاج العام هذا، شكل بلا جدال، امتحان تفوق أمام الصحافة الفنية العربية، ففي ظل شح الحوارات والأخبار مع كثير من نجوم الصف الأول في الوطن العربي، استطاعت قلة من الصفحات الفنية، تصدّر المشهد وذلك من خلال تكثيف زوايا ومقالات الرأي الفني؛ مستعيضة بذلك الفراغ الذي تركته أخبار وتقارير وحوارات نجوم الصف الأول. هذا المنحى الفكري والنقدي في الصحافة الفنية، في الحقيقة هو الذي يجب أن يستمر ويعمم على مجمل المشهد الصحفي؛ إذ ان ما تحتاجه الصحافة العربية في زمن الإنترنت وتوفر أخبار النجوم على "تويتر" و"فيسبوك"؛ يتمثل في المنحى (الرأي) الذي يؤكد على عدم ترك المشهد الفني دون مراقبة نقدية، ترصد الظواهر الفنية وتحللها وتقدم للقارىء وجهة نظر جديدة، تتسم بالموضوعية قدر الإمكان. لقد كان عام (2011) كئيباً من أخبار سيول الدم المتلاطمة ومفاجآت العنف والموت اليومي والتفجيرات المتتالية؛ من هنا نرى أن على صحافتنا الفنية المحلية في (2012) أن تركز أكثر، على كل ما يمتع ويفيد الناس في آن، عبر موازنة وظائف الصحافة الفنية وعدم الاقتصار على جانب دون آخر، ولأن الصفحات الفنية في نهاية المطاف، تعد أحد ملاذات القراء من كآبة وزيف ولا أخلاقية نشرات الأخبار السياسية. وبالعودة للسؤال الأول، عن كيف يمكن كتابة خبر فني في الوقت الذي يسقط فيه العشرات بل المئات في شوارع الوطن العربي؟ وكيف يمكن الاشتغال في الصحافة الفنية والصحافة السياسية هي حديث الناس؟ هنا يمكن أن نجيب: إن كتابة خبر أو مقال فني حول قضايا الجمال وإشاعة الإبداع، هو بلا ريب، أفضلُ بما لا يقاس من التورط في دوامة زيف "الدعاية السياسية للإعلام العربي" وأن التحليق بالقراء في فضاءات الفنون الإنسانية، حيث المحبة تلم الجميع، خيرٌ من أخبار العنف والقتل والكراهية. بقي أن نعلن أمنيتنا الصادقة لأن يكون هذا العام الجديد، عاماً أقل عنفاً ليتسنى للصحافة والصحفيين العمل.