فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    البنك الأهلي السعودي يطلق محفظة تمويلية بقيمة 3 مليارات ريال خلال بيبان24    القبض على يمني لتهريبه (170) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    حاكم الشارقة يفتتح الدورة ال 43 من معرض الشارقةالدولي للكتاب    الأمير محمد بن عبدالعزيز يدشّن فعاليات مهرجان شتاء جازان 2025    بانسجام عالمي.. السعودية ملتقىً حيويًا لكل المقيمين فيها    "ماونتن ڤيو " المصرية تدخل السوق العقاري السعودي بالشراكة مع "مايا العقارية ".. وتستعد لإطلاق أول مشاريعها في الرياض    إيلون ماسك يحصل على "مفتاح البيت الأبيض" كيف سيستفيد من نفوذه؟    "البحر الأحمر السينمائي الدولي" يكشف عن أفلام "روائع عربية" للعام 2024    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    الطائرة الإغاثية السعودية ال 20 تصل إلى لبنان    أمانة الشرقية: إغلاق طريق الملك فهد الرئيسي بالاتجاهين وتحويل الحركة المرورية إلى الطريق المحلي    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد    محافظ جدة يشرف أفراح آل بابلغوم وآل ناصر    «الإحصاء»: ارتفاع عدد ركاب السكك الحديدية 33% والنقل العام 176%    السعودية بصدد إطلاق مبادرة للذكاء الاصطناعي ب 100 مليار دولار    إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام بلدة اليامون    هاريس تلقي خطاب هزيمتها وتحض على قبول النتائج    الذهب يقترب من أدنى مستوى في أكثر من 3 أسابيع    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    العام الثقافي السعودي الصيني 2025    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    ترمب.. صيّاد الفرص الضائعة!    ترمب.. ولاية ثانية مختلفة    أربعينية قطّعت أمها أوصالاً ووضعتها على الشواية    قصص مرعبة بسبب المقالي الهوائية تثير قلق بريطانيا    صمت وحزن في معسكر هاريس.. وتبخر حلم الديمقراطيين    «البيئة» تحذّر من بيع مخططات على الأراضي الزراعية    الاتحاد يصطدم بالعروبة.. والشباب يتحدى الخلود    هل يظهر سعود للمرة الثالثة في «الدوري الأوروبي» ؟    «بنان».. سفير ثقافي لحِرف الأجداد    اللسان العربي في خطر    الإصابات تضرب مفاصل «الفرسان» قبل مواجهة ضمك    ربَّ ضارة نافعة.. الألم والإجهاد مفيدان لهذا السبب    الجلوس المطوّل.. خطر جديد على صحة جيل الألفية    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    الإصابة تغيب نيمار شهرين    التعاون يتغلب على ألتين أسير    الدراما والواقع    يتحدث بطلاقة    سيادة القانون ركيزة أساسية لازدهار الدول    التعاطي مع الواقع    درّاجات إسعافية تُنقذ حياة سبعيني    العين الإماراتي يقيل كريسبو    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    تقاعد وأنت بصحة جيدة    الأنشطة الرياضية «مضاد حيوي» ضد الجريمة    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    تطوير الشرقية تشارك في المنتدى الحضري العالمي    فلسفة الألم (2)    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود شمام: النفط شوّه المشهد الثقافي السعودي لعقود طويلة!
نشر في الحياة يوم 23 - 02 - 2010

محمود شمام تعجز عن وصفه، ولكنك تجد أنه صورة حية للمواطن العربي، الذي قهر وهاجر وناضل وصنع لنفسه مداراً يتحرك فيه، يصارع هذا ويصافح ذاك وينتصر لعقله وأفكاره... تزوج من سعودية ولم يتغير كثيراً، وإن كان يدين لها بترتيب فوضى حياته، أحب الخليج وأهله منذ الصغر، لذا كانت له تجربة اجتماعية وعملية فيه، عمل في الصحافة الورقية وأبدع في الإعلام المرئي، له تجربة لم تكتمل في قناة «الجزيرة» التي يرى أنها حادت عن هدفها الرئيسي من إنشائها، يعترف بليبراليته ويدين للغرب بذلك، ويعيب على الإسلاميين عدم وجود البرنامج الفاعل ويتحسّر على نضال القوميين في القنوات الفضائية، ينتقد علانية مواثيق الشرف الإعلامية وينتقد تدخل المؤسسات الرسمية في إقرارها، وهو يرثى لحال المرأة العربية ويبشّر بمستقبل باهر للمثقف السعودي الذي يرى أن النفط حرمه من فرص كثيرة.
محمود شمام إعلامي «خمس نجوم»، والجلوس إليه أشبه بمعركة «إسبارطة» لا خاسر فيها لا الضيف ولا المحاور ولا القارئ.... إلى الحوار:
أي نسائم تهب على بنغازي ليكون أبناؤها الأكثر بحثاً عن الحرية؟
- نسائم البحر التي تجعل خياراتها متعددة، واحتضانها للغريب حميمياً حتى تصهره فيها، وعشق أبنائها لها تخاله أحياناً نرجسية مفرطة، ومحاولة الآخرين تطويعها يزيدها تمرداً.
ما القصة بينك وبين مقهى «سي عقيلة»؟
- بين بيتي ومقهى «سي عقيلة» خطوات قليلة، وهو يقع على شارع مرّ فيه تشرشل ورومل ومنتوغيمري، وذبحت على خطوات منه الخراف أمام عبدالناصر، واستوطنه الطلاب الجامعيون، ووزعت منه المنشورات في أحداث عام 1964 الاحتجاجية، ومن المطبعة الحكومية التي تواجهه خرجت أهم الصحف الليبية.
وفي المحكمة التي تستلقي على طرفه الشمالي حوكم كل السياسيين، ومن السفارة الإيطالية الواقعة على يساره اتخذت بعض أهم القرارات في تاريخها، وفي مكتبة الخراز كان الشباب يلتهمون الصحف والمجلات كما يلتهم أولاد اليوم الهامبورغر، وفيه شربت أول زجاجة بيبسي في حياتي هذه قصتي مع مقهى «سي عقيلة».
درست الآداب وعشقت الإعلام وسكنتك السياسة، كيف استطعت العدل بين هذه الأطياف؟
- درست الجغرافيا فتعلمت فلسفة المكان وعبقريته وعلاقته بالبشر والاقتصاد والطبوغرافيا، أتعامل مع عدد من القضايا كقارئ خرائط، وأعرف كيف يمكنك أن تفقد بوصلتك في دقائق، وعشقت الإعلام مبكراً فكانت لي صحيفتي الحائطية وأنا في العاشرة من العمر، ووجدت شخصيتي المحبة للحياة في الإعلام، حياة عريضة وتحديات لا تنتهي أبداً. أما السياسة فأعتقد أن فيروسها أصبت به مبكراً ولم يخترع بعد مصل وقاية منها، وابنتي أيضاً مصابة بهذا الفيروس.
منظمة الطلبة العرب في أميركا هل كانت بوابة التحولات في حياتك؟
- كانت إحدى البدايات المهمة... كنت أحد أشبال حركة القوميين العرب، لكن التجسيد الحقيقي لذلك حدث خلال نشاطات منظمة الطلبة العرب، وفيها تعرفت على أبناء وبنات الجزيرة والخليج، ومنذ ذلك الحين أصبحت «خليجي الهوى».
العائلة السعودية
زواجك من السيدة هدى الصويغ هل احتاج لتدخل الأمم المتحدة؟
- لم يكن سهلاً ولكن لم يتدخل أحد، وكانت أسرتها أسرة كريمة ومتحضرة واحترمت حقها في الاختيار. لقد حدث ذلك منذ 28 عاماً خلت.
وكيف وجدت العائلة السعودية من الداخل؟
- كأي عائلة عربية أخرى مترابطة، وفيها الكثير من التراحم.
يرى البعض أن كون زوجتك سعودية جعلك تتريث كثيراً في رؤاك وطرحك؟
- نعم حدث تريث ولكن ليس بسبب سعودية زوجتي، بل بسبب شخصيتها الهادئة والصارمة. زوجتي لا تمنح ثقتها بسهولة، ولا تسرف في عواطفها، وتهتم كثيراً بالتفاصيل الدقيقة. ربما اكتسبت ذلك من كونها تشكيلية، ولكن في النهاية استطاعت أن تحد قليلاً من فوضويتي... فقط قليلاً.
وماذا غيّرت أنت فيها؟
- نقلت إليها داء «العناد» الليبي، فأهل الجزيرة نادراً ما يركبهم داء العناد.
كثرة الوجهات الفكرية في حياتك كيف تقرأ شرفاتها؟
- في معظم تجربتي احتفظت بقربي من مواقع اليسار القومي، وتعززت في السنوات الأخيرة بليبرالية اكتسبتها من طول إقامتي في الغرب. فشل تجربة المنظومة القومية ربما أسهم قليلاً في ابتعادي عن الخط القومي الغوغائي. تركت ذلك لأصدقائي الكثيرين من ذلك التيار الذين لا يزالون يواصلون نضالهم من على شاشة «الجزيرة».
خروجك من ليبيا في 1976 هل كنت تظن أنه خروج لا عودة بعده؟
- كنت أعرف أنه خروج في اتجاه واحد، لقد خرجت بصعوبة بعد أن تم احتجاز جواز سفري، وكانت بعض الاتهامات تطاولني بتهمة تحريض الطلاب على تحدي السلطة، وكان النظام على وشك الدخول في دورته الدموية، وكنت أعرف أنني لن أعود تحت ذلك الحكم، وعندما رأيت أصدقائي معلّقين على أعمدة المشانق عرفت أنها القطيعة.
العودة إلى ليبيا مرفوضة منك على رغم الأبواب المفتوحة... ما الحكاية؟
- العودة للوطن لا تحتاج إلى إذن من أحد وبالتالي ليست هناك حكاية، ولكن من يعيد الموتى؟ ومن يعيد البسمة للأطفال الذين ولدوا وترعرعوا في المنافي؟ من الذي يعوضني عن والديَّ - رحمهما الله - اللذين لم يتمكنا من رؤيتي خلال ربع قرن سوى مرتين؟ من يعوض سنوات الجمر والعازة والذل والحرمان؟ هل هناك مبرر أخلاقي واحد للعودة؟
الشعوب والسياسة
الشعب العربي اليوم هل يملك أدواته السياسية ليحدد مطالبه؟
- الشعب العربي يناضل من أجل قوت يومه، والأدوات السياسية العربية كرتونية إن وجدت، والإعلام يسير تقريباً في ركب السلطة، والأمر الوحيد المسموح به تشجيع فرق الكرة!
وهل تتحول أندية الكرة إلى أدوات سياسية؟
- اسألوا الكابتن شحاتة الذي قال إنه لديه فرقة من «المصلّين»، وهناك حالة نفاق هائلة دينياً وأخلاقياً وسياسياً وهي تعرقل من دون شك المجتمع المدني.
أصواتنا عالية عالمياً... وهي همس محلياً... أين المشكلة؟
- المحلية هي طريق العالمية، ولن تكون عالمياً إذا لم تكن وطنياً أولاً، وهل نحتاج إلى فرقة موسيقية عالمية أم إلى تدريس الموسيقى في المدارس؟ وهل نحتاج إلى جامعات دولية أم إلى تعليم أساسي قوي؟ وهل نحتاج إلى متحف اللوفر أو إلى الاهتمام بالتربية الفنية؟.
كيف نتبنى سباقات «الفورمولا» وبعض المواطنين العرب يجرون وراء الأوتوبيس؟ وهل نتسابق في بناء الأبراج وشبابنا لا يجدون منزلاً للزوجية، كان الصديق الراحل الجميل أحمد الربعي يقول إن الهرم التعليمي لدينا مقلوب، وفي الواقع تفكيرنا بالكامل مقلوب وليس الهرم التعليمي وحده.
الخلافات السياسية بين الدول العربية هل تؤثر على الشعوب في ما بينها؟
- لا تؤثر في التآخي لأن هناك إجماعاً على بؤس الأنظمة، لكنها تؤثر في كل شيء آخر، في حقوق الإقامة والعمل والتنقل والملكية.
جامعة الدول العربية متى ستعتزل المشهد السياسي الدولي؟
- هل قلت جامعة الدول العربية؟ لقد أصبحت الجامعة العربية كالهموم العربية لا مفر من وجودها.
مؤسسات المجتمع المدني العربية لماذا تطاولها تهم العمالة للغرب؟
- لأن التمويل المتوافر لها معظمه يأتي من الغرب، وتهم العمالة متوافرة في السوق وبرخص التراب وهذه معضلة، لأن التمويل ليس محلياً، وهو يجب أن يكون محلياً، ونحن أناس قد نتمتع بالكرم على المستوى الشخصي لكن بخلاء في التبرع للعمل العام.
ما أهم ضوابط العمل الإعلامي المسؤول؟
- لديّ حساسية مفرطة من اصطلاحات مثل ضوابط، مسؤول، مراعٍ لقيمنا. هذه تعبيرات فضفاضة، ولهذا هاجمت بعنف وثيقة الفضائيات التي اقترحتها الجامعة العربية، ولم أتحمس لحملة التصدي للقنوات الهابطة لأن ليس هناك جهة واحدة يمكنها أن تحدد رغبة الأسرة وبالتالي هي مسؤولية الأسرة وليست مسؤولية الدولة.
ميثاق الشرف
لكن هناك حديثاً حول ميثاق شرف للإعلام العربي... فلماذا الحاجة إليه؟
- عندما يتزايد الحديث عن مواثيق الشرف فهذا مؤشر إلى محاولات مستميتة لتزييف وعي الناس، والشرف منظومة أخلاقية ومهنية لا تنتج من كلام منمق ولكن من تربية مهنية وأخلاقية لا تملكها وللأسف المؤسسات الإعلامية.
عند التحدث عن الهرم التحريري ما أبرز قاعدة يمكننا أن ننسب نجاح المطبوعة لها؟
- المطبخ التحريري، ثم قدرات الناشر، والناشر وظيفة مغيّبة إلى حد كبير عند الصحافة العربية، لكنها وظيفة في غاية الأهمية في صحافة الغرب، ويأتي التدريب والدفع بالدماء والأفكار الجديدة العنصر المهم الثالث.
مَنْ يعجبك أداؤه مِنْ الناشرين العرب؟
- العملاق غسان تويني، رياض نجيب الريس والصديق العزيز جميل مروة، والراحل الليبي رشاد الهوني.
ما أهمية أن تُكفل الحرية الصحافية بالنسبة إلى تنمية البلاد، والتقدم الفكري للمجتمع؟
- الحريات الصحافية في قلب الحريات العامة، ولا تقدم فكرياً وتنموياً من دون وجود هذه المنظومة، وأي حديث عن حريات صحافية بمعزل عن منظومة الحريات أضغاث أحلام، ولكن وجود أي قدر من الهامش الإعلامي يخدم فكرة المنظمة العامة للحريات.
الكلمة المقروءة، والطرح المرئي... أيهما يصل أولاً إلى مدرجات المتلقي العربي؟
- المرئي، ثقافة المتلقي العربي شفوية، وهل تذكرون ماذا فعل بنا «الترانزيستور» في الخمسينات والستينات؟ وماذا تفعل بنا الفضائيات الآن؟ 7 آلاف فضائية والقادم أعظم، ولقد أسهم «الترانزيستور» في تعميق الأمية وتسهم الفضائيات الآن في تعميق الأمية الثقافية.
السعودة والمشكلات
الكاتب السعودي كيف ترى مستوى أدائه... وماذا يزعجك منه؟
- على تخوم بداية نهضة يحاول أن يبدع في بيئة قاسية وهذا أعطاه طول النفس، وتزعجني محاولة البعض المبالغة في «سعودة» قضايا إنسانية باسم الخصوصية، ولا تَنْسَ أن السعودية أنجبت في تاريخها عمالقة ومفكرين وصحافيين كباراً، وأتنبأ بجيل آخر بدأ الآن في التبلور بعد أن شوّه النفط المشهد الثقافي لعقود.
لكن الخصوصية السعودية يفرضها واقع معيّن تعيشه؟
- أنا لا أنفي الخصوصية، بل أحذّر من الاختباء خلفها لفصل التجربة السعودية عن مسارها الإنساني، أو لتبرير أشكال معيّنة، خصوصاً في الجانب الاجتماعي.
المجلات الأجنبية باللغة العربية... إضافة أم مجرد استثمار فقط!؟
- استثمار مالي فاشل، وخدمة مجانية تقدم للنخبة، ولم تصل بعد إلى الشارع العريض، لكن من حق المواطن الذي لا يتقن لغة أجنبية أن يطلع على الإنتاج الإعلامي الغربي. لماذا «ندبلج» الأفلام والمسلسلات ونترجم الكتب ثم نشكك في المطبوعات الإعلامية؟
«النيوزويك العربية»، هل استطاعت أن تصنع علامة فارقة في المنطقة؟
- تجربة مميزة لكنها ليست بالعلامة الفارقة، ومجلة «مختارات» الترجمة العربية للريدرداجست ظلت تصدر لعقود وعندما اختفت لم يفتقدها أحد، وهناك مجلات عدة مترجمة الآن لا يقرأها أحد.
مجلة «الفورن بوليسي» بماذا تتميز عن بقية المجلات؟
- إنها نبض النخبة السياسية الأميركية، وقراءتها تساعدك في فهم المسار السياسي والفكري الأميركي، وهي تجنح قليلاً نحو اليسار، وهي مجلة مهمة وإلا ما اشترتها مجموعة «الواشنطن بوست» أخيراً.
ما المجلة الأجنبية التي تتمنى لو تصدر بالعربية؟
- «الايكونمست» البريطانية، ولو أن «البلاي بوي» قد تنجح أكثر... ذوق جمهورنا يشكله الفيديو كليب وليس الموسيقى الكلاسيكية.
الصحافة الخليجية
أنت شاهد حي على الصحافة الخليجية، كيف تقارن التباين بينها؟
- هناك صحف إعلانية وهناك صحف جيدة وبها قدر لا بأس به من المهنية وهي واضحة في الصحف الكويتية والسعودية.
لك باع طويل مع الصحافة الكويتية، ما الأخطاء التي تصرّ الصحافة الكويتية على ارتكابها؟
- الصحافة الكويتية تتصدر العالم العربي في الهامش المتوافر لها وفي ارتفاع التوزيع، ولكنها «تشخصن» القضايا بشكل كبير، وبعضها تحول إلى «تابلويد» سياسي، ولكن لا بأس أخطاء مع حرية، أفضل من صحافة مقيدة.
كيف هو العمل مع «جاسم» الوطن؟
- عملت مع «جاسمين» جاسم المطوع - رحمه الله - الذي «أنسن» الصحافة الكويتية، وأثبت أن بإمكانك أن تكون رئيس تحرير و «تقطر» إنسانية، ومع محمد عبدالقادر الجاسم الذي أثبت أنه يستطيع أن يضع بصماته حتى وإن فقد رئاسة تحرير صحيفة توزع أكثر من 100 ألف عدد يومياً.
الصحافة الإماراتية هل من هوية لها؟
- صحيفة «الاتحاد» تحت إدارة الصديق راشد العريمي بدأت تتميز، لكن هامش الصحافة الإماراتية السياسي يحد من إمكان أن تحقق قفزة إقليمية.
مؤتمرات وزراء الإعلام العرب... أليست فضيحة إعلامية؟
- ووزراء الداخلية العرب، والقمم العربية، والبطولات العربية والمهرجانات العربية والفضائيات العربية، والرجال العرب والشباب العرب... من نسيت؟ نسيت النساء.
والحل؟
- أن يعقد مؤتمر شامل تُتلى فيه المقررات السابقة، ويسمى المؤتمر العقابي الأول لمسؤولين يجتمعون من دون فائدة.
السلطة السياسية، و «التابو» الديني... طوق من نار يخنق الرأي العربي... كيف ستتخلص الصحافة العربية منه؟
- الثورة البرجوازية قضت على التابو الديني في أوروبا وقيّدت صلاحيات السلطة السياسية، والبرجوازية العربية تقدم الأضاحي للفقراء، وتقيم موائد الرحمن، وتفتح فضائية هابطة كل 36 يوماً... وتمارس القتل في أوقات فراغها.
مفهوم الإعلام الجديد من عرّابه في الشرق الأوسط؟
- كان عثمان العمير... لكن زيته قارب على الانتهاء.
الإعلام العربي هل يستوعب أبجديات الإعلام الجديد؟
- دخل دورة محو أمية ولم يخرج منها بعد، ولنَرَ النتيجة وبعدها نستنتج، والصحف بدأت تنتبه لسطوة الإنترنت وهذا مهم في حد ذاته.
لماذا خطواتنا الإعلامية دائماً مترجمة من الغرب؟
- لأن أيديولوجية الغرب الرأسمالية هي المسيطرة والمهيمنة، ونحن خير أمة أخرجت للناس على الورق فقط.
الصحافة الإلكترونية لا تزال خاسرة تجارياً عندنا بعكس الغرب... لماذا؟
- الصحافة الإلكترونية لا تزال تعاني هي الأخرى عند الغرب، وعندنا التجربة في بداياتها، والرأسمال العربي ليس تابعاً وسمسار عمولات فقط، إنه بالقدر نفسه غبي وجاهل، ولدينا رأسماليون لا يقرأون حتى العقود التي يوقّعونها.
صحفنا الورقية... هل تحتاج إلى إنعاش أم قسطرة... أم تقطيع معدة؟
- تحتاج إلى احترام السلطة، وثقة الناس، ووعي المعلنين، ودعاء المشايخ، وبعض الصحافيين المحترفين.
الإعلام والسياسة... يخدمان بعضهما كثيراً ويحفران لبعض أكثر... ما رأيك؟
- العلاقة بين السياسي والإعلامي هذه الأيام كالعلاقة بين الراقصة والطبال، وعندما كانت «الواشنطن بوست» على وشك نشر فضيحة «الكونترا غيت» اتصل مدير «السي أي أيه» وليام كيسي بناشرة الصحيفة كاترين غراهام، وطالبها بوقف نشر المعلومات لخطرها على الأمن القومي، وسألها فرصة شرح الموقف لمحرريها.
وبعد أن قدم كيسي وفريقه دفاعه أمام المحررين، التفتت الراحلة الرائعة إلى رئيس التحرير برادلي وسألته... ماذا تظن؟ «فأجابها» طالعي الصحيفة غداً، سأنشر القصة على الصفحة الأولى.
الغباء الإعلامي... مسؤولية من؟
- مسؤولية غياب الحريات، وإعلامنا يتغابى وليس غبياً.
المشايخ والاعلام
ظاهرة انتشار المشايخ في الإعلام... هل هي ظاهرة صحية؟
- هي ظاهرة، ولا ضير من ذلك إذا كان الصغار في المدارس أو في غرف نومهم.
في ظل سطوة الإعلام... ألا تشعر بأن مسار الفتوى قد حاد عن الطريق؟
- أترك الفتوى لأهل الفتاوى، وما أكثرهم... أما مرجعيتي فهي عقلي الذي ميز الخالق به البشر عن بقية المخلوقات.
«اليوتيوب» و «الفيس بوك»... هل هما السلطة الخامسة؟
- ذكرتني بالسلطة الرابعة، والثالثة، والثانية، والأولى... هل لاحظت العد التنازلي؟
حذاء منتظر الزيدي هل هو شهادة تخرّج لمشروع الحرية في العراق؟
- هو غطاء رأس جديد للمواطن العربي المحبط، ولم تُقسْ حرية في التاريخ بمقياس حذاء.
«الحريم» والهامش
برأيك أيهما أصعب في الشرق الأوسط انتهاك حقوق الإنسان أم تفعيل دور مؤسسات حقوق الإنسان؟
- الاثنان معاً، وإعلامنا يرى أن موضوع كأس الأمم هو الأهمية القصوى الآن، وكل شيء آخر يمكنه الانتظار خصوصاً المواضيع المتعلقة «بالحريم».
المرأة العربية هل فعلت ما يستحق لتخرج من إطار «الحريم»؟
- فعلت أكثر مما يسمح به الهامش الاجتماعي، لكن السؤال ما الذي فعله الأب والأخ والزوج، وأحياناً الصديق؟
هل تختلف قضايا المرأة العربية باختلاف دولها؟
- بالتأكيد... خصوصاً على صعيد التشريعات.
لماذا المشهد الجنسي يقتحم الرواية العربية بغزارة؟
- إنه يقتحم كل جوانب حياتنا، وماذا يعني أن يكون هناك زواج مسيار وصيفي وإلى آخره، والمهم السرية، وأمة تمارس حقوقها الطبيعية سراً.
لماذا لا نرى امرأة عربية لامعة سياسياً؟
- وهل هناك رجل لامع سياسياً لا ينتمي للنخبة الحاكمة، أو بطانتها، وكيف يلمع الناس العاديون من دون صناديق انتخابات، والمرأة مصادر حقها مرتين، من السلطة مرة ومن الرجل مرة أخرى.
علاقتنا مع إسرائيل في الظلام أكثر من النور... وهذا يجعلنا الأضعف ونصل متأخرين دائماً؟
- العادة السرية تمارس في الظلام، والبعض يطالع «البلاي بوي» تحت اللحاف، ولا أحد يقول علناً إنه يشاهد قناة «الحرة»، وإسرائيل آفة مثل كل الآفات، ولن يتجرأ أحد بعد استفحال جرائمها أن يطبّع معها علنا... لكن العرب يعشقون قضاء حوائجهم بالكتمان على أية حال.
النفط والسياسة
إلى متى تظل المنطقة العربية تحديداً حالة استثناء واستعصاء مُستفحلة على أي إصلاح سياسي، أو أية تجربة ديموقراطية؟
- حتى نضوب النفط.
إذاً أصبح النفط وبالاً أكثر منه فاعلية؟
- وبالاً على الإصلاح السياسي.
بحكم متابعتك للخليج، هل توجد برامج سياسية ناجحة لاحتواء الشباب الخليجي؟
- أراهن على الإنترنت، وإن تمكّنا من إعداد برامج مشوّقة للشباب ربما سنملك أول فرصة حقيقية لمخاطبتهم وقد يسمعوننا.
الجماعات الإسلامية لماذا ولاءاتها للخارج أكثر من الداخل؟
- لأنها أممية الأيديولوجيا والمرجعية مثلها مثل الأحزاب الشيوعية لم تنتبه للمسألة الوطنية إلا بعد أن تهمش دورها.
لماذا المشروع السياسي الإسلامي يفشل عندما يصل للسلطة؟
- لأن الإسلام هو الحل شعاراً وليس برنامجاً سياسياً محدداً.
وهل يجيد الإسلاميون صياغة البرامج؟
- بالإمكان إذا خرجوا من عباءة المقدّس، وتركوا للسماء ما هو للسلام، وقدموا للناس برنامجهم لصلاح الصرف الصحي على الأرض.
كيف هي علاقتك بالإسلاميين، كونك ليبرالياً؟
- عادية، وأحياناً جيدة، وقد لا يحبونني لكنهم يحترمونني.
لأجل ذلك لم يهدر دمك بعد؟
- إهدار الدم مبالغة يرددها الدهماء، أما أهل العلم العارفون فيدركون جيداً أنها مزحة يرددها البعض على الإنترنت.
المشاركة الشعبية في السلطة... هل تجد قنوات الصرف الصحي اللازمة؟
- المشاركة الشعبية في السلطة سرقت كما سرقت مواسير الصرف الصحي، وما نشمه الآن رائحة المجاري وليس الإصلاح السياسي.
الخبر السياسي ألا يفسد عليك أوراقك الممتعة؟
- السياسة تفسد كل الأشياء: الأدب والشعر والحب والجنس وحتى مشاهدة أخبار «الجزيرة».
هل من ملفات سياسية ساخنة تمتنع عن تناولها مطلقاً؟
- ليبيا ليس هناك خط أحمر، وعربياً قد أجامل أنسابي في السعودية وأصدقائي في قطر.
هل الوعي السياسي للمجتمعات يهدد الحكومات بشيء؟
- يهددها بالانقراض. حكوماتنا فاسدة بشهادة الوزراء أنفسهم، ألا يجمع أهل السلطة بينها وبين التجارة؟ وأي شرعية يمارسها مسؤول يبيع ويشتري في قوت أولادك؟
المبادرات السعودية
المبادرات السعودية ولم الشمل العربي... لماذا لا تدوم طويلاً؟
- لأن السعودية تستعمل ذهبها ولا تستعمل سيفها.
يرى البعض أن الدعم السعودي للبعض ضرره أكثر من فائدته... ما تحليلك؟
- الدعم الذي لا يصل إلى مستحقيه ضرر، ولقد منحت السعودية بسخاء للكثيرين، لكن بعض الشعوب وصلها القليل.
لو وقّعت المملكة اتفاق سلام مع إسرائيل... ماذا سيحدث للمنطقة؟
- لن توقّع السعودية اتفاق سلام مع إسرائيل، وإذا وقّعَت السعودية اتفاقاً من هذا النوع فإنها تشتري أمنها بمبادئها.
حتى متى ستكون إيران مستودع أزمات للمنطقة؟
- إيران لم تعتدِ على العرب بشكل خطر في السابق، ولهذا تخطئ إذا واصلت التدخل في شؤونهم، وستحترق إيران قبل أن تتمكن من إحراق المنطقة.
وأنت تنظر إلى أبنائك... هل تشعر بأنك رحمة لهم؟
- بل هم رحمة لي إن شاء الله.
ألا تخاف على ابنتك من اقتفاء أثرك؟
- إنها تقتفي أثري في سنوات الشباب، وإنها لا تدخل «الفيس بوك» خوفاً من أن تتجسس عليها أجهزة الاستخبارات، وأرسلت لي أخيراً رسالة تقول فيها: «اسأل أصدقاءك النفطيين عن سبب ارتفاع الدولار المفاجئ».
ما الذي تعلمته من أبنائك ولم تعلمه لك الجامعات والمراكز السياسية؟
- أن أخاف من المستقبل.
هل تصلح السعودية أن تكون مقراً دائماً لك ولعائلتك مستقبلاً؟
- ولماذا لا، خصوصاً إذا سُمح للنساء بقيادة السيارات، ووضعت «الهيئة» في متحف الشمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.