حتى يتضح المشهد أقول: كان الناس في الماضي وقت الجوع يُعتبر الدسم نعمة. يقال للضيف تفضّل دسّم شواربك. اليوم انقلب ذلك المفهوم رأساً على عقب. الدسم يعني (كوليسترول) وارتفاع الضار منه يؤدي إلى تصلّب الشرايين وانسدادها. خلال العشرين سنه الماضية انتقل خطر تدسيم الشوارب من المفاطيح ذات الإليات (جمع إلية وهي ذنب الخروف) المُدهنة إلى دهون الوجبات السريعة، وتلك حسب معلوماتي أخطر وأشد ضرراً، لدرجة أنني قرأت إعلاناً في هذه الجريدة ساهمتْ بنشره عدّة جهات مثل: برنامج المُدن الصحيّة، وزارة الصحّة، منظّمة الصحّة العالمية، عن مخاطر الوجبات السريعة. في الإعلان صورة تحوي رسماً تقريباً لوجبة مكوّنة من شطيرة همبرغر وبطاطس مقليّة (فرنش فرايز) ومشروب غازي. التحذير من تلك الوجبة الملغومة يوضّح خمسة أمراض كل منها أخطر من الآخر. السمنة المُفرطة، هشاشة العظام، ضغط الدم، ارتفاع مستوى الكوليسترول والدهون، داء السكّري. المشكلة أن كثيرا من الكبار قبل الصغار أصبحوا أشبه بمدمني أكل مثل هذه الوجبات، فكيف يمكن التخلص من هذا الإدمان (إن صح التعبير)؟، قيل بأن الأولين يلتهمون شحوم الخروف قبل أي شيء آخر وصحّتهم تمام التمام، فلماذا اليوم يحذرنا الأطباء من تناول أبسط أنواع الدهون؟ أقول لإثبات صحّة هذا المفهوم من عدمه لابد من معلومات مُبسّطة تشرح لبُسطاء الناس بالفعل لماذا؟ أعرف بأنه سينبري أحدهم ليقول ان حياتهم في الماضي كلها نشاط وحركة فيُحرقون السعرات الحرارية العالية التي يلتهمونها. أحمد المسفر مواطن سعودي يقطن العاصمة الرياض في الأربعينيات من عُمره يقول: أحرص على نوعية غذائي ومع هذا أصبح عندي إدمان من نوع آخر. لو يمر عليّ يوم لا أمشي فيه أشعر بالاكتئاب، حين أنشأت أمانة منطقة الرياض ممشى قريبا من بيتي كأنهم بذلك قدّموا لي أغلى هديّة. إدماني مفيد لحياتي. هل سمعتم في يوم عن مُدمن مشي؟.. هُنا عرفت سرّ مشاركة برنامج المُدن الصحية في إعلان التحذير عن مخاطر الوجبات السريعة. السؤال أين بقيّة الأمانات والبلديات في المناطق والمحافظات من بلادنا عن إغراء الناس على المشي ونسيان ثقافة تدسيم الشوارب؟