انتهينا من امتحانات العقول، ودخلنا امتحانات البطون.. وإذا كانت امتحانات العقول قد انتهت باعلان اسماء الناجحين، والناجحات فإن امتحانات البطون لا تعلن، وانما يتم تداول - نتائجها - اسريا، واجتماعياً حين تفشل البطون في الامتحان..! فشل العقول في الامتحان يحتاج لدور انقاذي، وقد يحتاج إلى عام دراسي جديد، وطوال هذه الفترة يعيش الإنسان أوقاتاً صعبة، وقلقاً دائماً بينما فشل البطون في الامتحان يؤدي بها إلى تدمير صحتها على مراحل، وهذا يتطلب أن يكون الإنسان يقظاً في موسم امتحانات البطون، وأن يحذر - ما استطاع - هذه الاغراءات التي تظهر بوضوح، وجلاء داخل قاعات الامتحان الدسمة طوال الموسم المفتوح لهذه الموائد المتواصلة؟.. مواسم «الأيدي العمياء» لا شيء يوقف هذه الايدي الكثيرة الممتدة نحو (تباسي البخاري، والزربيان، وكروانات الكوزي، والمندي) فهذه المناسبات السعيدة - تنسيها - نفسها، وتنسيها أي تحذيرات، أو نصائح، فتندفع بكل ما أوتيت من قوة، ولياقة لغرف (اللحم مع الشحم مع الأرز) حتى يصدر النداء من البطن بانه لا يوجد مكان لاي (غرفة جديدة).. رجاء التوقف فوراً..؟ وبعض الايدي تتوقف في الوقت المناسب، وبعضها تستمر، وتواصل (ضاربة عرض الحائط بأي نداء يصل اليها بطريق مباشر، أو غير مباشر بأن تتوقف - كما السائقين الطائشين الذين لا يلتفتون إلى اشارة المرور الحمراء - وندائها بالتوقف)..؟ والايدي عمياء وهي تمتد بالطول، والعرض نحو (تباسي، وصحون البخاري، والزربيان، والمندي، والكوزي).. والأيدي العمياء هذه هي التي (تورطنا) في المشاكل فيما بعد إذا تركناها في عماها (تتحرك نحو اليمين، ونحو اليسار داخل تباسي، وصحون البخاري، والكوزي، والمندي)..؟ وتسمع - وأنت جالس على تبسي البخاري، أو الكوزي، أو الزربيان، أو المندي - شكوى من صاحب هذه اليد، أو تلك - من انه يعاني من ارتفاع الكوليسترول، أو الضغط، أو السكري - أو خوفه، وخشيته منها لكنه يقول لك ضاحكاً كأنه يكلمك، أو يكلم نفسه (انه لا يستطيع ان يملك نفسه امام هذه الهُبَرْ اللذيذة ليس جوعاً، أو فاقة لكن مجاملة للداعين من جهة، واستجابة لاغراء الهبر من جهة، وليكن ما يكون بعد ذلك من شكوى الدهون، وتوابعها، وتبعاتها وهي شكوى تتكرر بتكرر هذه الولائم، والعزائم، والأفراح، والليالي الملاح لتتوجه بعض الأيدي إلى علب الأدوية، أو تضطر - لا سمح الله - إلى الذهاب للاطباء، والموسم طويل، موسم الولائم، والعزائم، والأفراح، والليالي الملاح (من بعد اعلان نتائج امتحانات العقول لتبدأ عملية امتحانات البطون).. والامتحانات الثانية - امتحانات البطون - تحتاج من الجميع إلى ارادة قوية لمواجهة اغراءات الهبر حتى لا يقع الإنسان - أي إنسان - في براثن هذه الاغراءات، ويكون الثمن فوق احتماله..؟ «الهبر الكثيرة» دليل وجاهة ويتحدث عبدالرحمن السيد عن (احراجات) هذه العزائم، والولائم فيقول انه يكون أحياناً مدعواً لأكثر من فرح، ومناسبة في ليلة واحدة، وعليه ان يقوم بالواجب فيها فيمضي جزءاً هنا، وآخر هناك، ولكن لا يسمح له بالهروب إذا لم يجلس على المائدة، وإذا جلس عليه أن يتذكر موعد المائدة الاخرى، ولا يُقبل منه فنجان قهوة هنا، وفنجان شاي هناك دون ان يحضر عملية (تدسيم الشوارب) والتي تكون أحياناً عمليتان، وليست واحدة، وقد تعرض لأكثر من (موقف محرج) لهذا السبب لكنه اصبح شجاعاً الآن - هكذا يقول - فهو يحضر، ويقوم بالواجب، وتكون لديه خارطة للابواب الخلفية للقصور التي تقام فيها الافراح فيهرب من خلالها حتى نقل هذه العدوى لعدد من معارفه، وأصدقائه..؟ ويضيف ان المشكلة تكمن في (كثرة الهبر) فوق (الصحون، والتباسي) لأنها تعني عند أصحاب المناسبة قيمة اجتماعية يتحدث عنها من يحضر، ومن لم يحضر، ولو كانت (الهبر قليلة) فإن ضررها على المعازيم يكون محدوداً، ومقبولاً، ولا خوف منه من قريب، أو بعيد.. ونحن، وغيرنا لا نسعى إلى التمرد على صحون (المفطحات) اياً كان نوعها، ونطلب من الجالسين أمامها، وحولها (كف أيديهم) عن تناول - الهبر - ولكن نطلب من القادرين على ضبط انفسهم أن يكون الاقبال بحساب خاصة من كان يشكو من متاعب تزيدها هذه الولائم معاناة، ومن لا يشكو حتى لا يصبح أسير هذه الشكوى.. والمسألة تحتاج إلى (تشغيل العقل) قبل، وأثناء (تشغيل البطن) ومتى تم ذلك - أي تشغيل العقل - أمكن وضع حد لهذه الهبر (التي شبهها احد المعازيم بقوله: انها تبدو فوق الصحون كما المطبات الصناعية فوق الاسفلت، وعلينا ان نتحرك نحوها بحذر)؟.. ممارسة الهرولة، والسباحة ربما - نقول ربما - لو ان من يتوجه بقوة نحو (صحون البخاري، والكوزي) مستسلماً لاغراءاتها، واتجه نحو ممارسة الرياضة اليومية الجادة لهان امر نتائج هذه الصحون، والدهون نسبياً، ولخفف ذلك من (الاضرار المحتملة) لكن مع الاسترخاء الذي يمارسه الكثير من رواد الدهون فإن الخوف من الاضرار وارد لا سمح الله.. يقول الدكتور عبدالحليم محمود ان الشخص العادي - بدون هذه المواد الشديدة الدهون - مُطالب بان يمشي مهرولاً كل يوم نصف ساعة على الاقل، أو يسبح نصف ساعة كل يوم (والهرولة اسهل للشخص العادي) وأضمن للممارسة بحكم ان السياحة تحتاج - إلى مسبح - والمسبح يحتاج إلى ان يكون في البيت، أو النادي، أو الفندق، أو الشاطئ (وكلها معقدة) بالنسبة للكثيرفتبقى عملية (الهرولة) هي المتاحة، والممكنة، والمتوفرة، والسهلة والتي لا تحتاج فقط إلا إلى ارادة لممارستها، وإذا اسرفنا في تناول هذه الدهون الشديدة على موائد البخاري، والكوزي احتجنا إلى ساعات للهرولة، والسباحة كل يوم، واحتجنا إلى مزيد من الادوية الضارة اصلاً، وعلينا جميعاً - اصحاء، ونصف اصحاء - ان نتدارك أنفسنا فلا نترك للايدي العمياء تصول، وتجول فوق الصحون، والتباسي، وهذا ممكن - ولو على مراحل - وليس دفعة واحدة قبل أن تصدر التعليمات بالمنع النهائي، والترشيد هنا مهم، وضروري.. الانضمام سريعاً لنادي الكوليسترول وقبل ان نسرف في هجومنا على اللحم والشحم فوق الصحون، والتباسي - في موسمها الكبير - علينا ان نتذكر رأي الأطباء بان تناول الشخص الصحيح لاكثر من سبعين جراماً من اللحم في اليوم من شأنه أن يرهق الكليتين فما بالك إذا كان الشخص دون هذا المستوى، وينطلق - بدون حساب - نحو هذه الصحون، والتباسي، وما تحويه من دهون شديدة يصعب بعد ذلك التخلص منها بسهولة، وقد يدخل الإنسان بسبب هذه الدهون الشديدة إلى (نادي الكوليسترول) باقصى سرعة، اما إذا كان عضواً في هذا النادي المزعج، والمخيف، وغير المريح لكل من ينضم اليه..؟ ومن ينضم لهذا النادي دون رغبته بطبيعة الحال فانه المسؤول الاول عن الخروج منه فاذا ترك نفسه لاغراءات الشحوم، واللحوم كان كمن يلقي بنفسه في (دائرة الخطر)..؟ يقول تاريخ افراحنا قبل حوالي ثلث قرن ان عدد المدعوين للفرح يصل إلى ثمانين مدعواً، ولا يزيد عدد الخرفان عن اثنين، ويبقى ما يكفي أهل الفرح لليوم التالي، أما الآن فإن عدد المدعوين يكون 120 مدعواً، وعدد الخرفان(20) خروفاً، وقد تتضاعف إذا كانت ظروف أهل الفرح جيدة، واثناء الجلوس على الموائد (تتطاير النظرات) نحو الصحون للتأكد من كثرة اللحم، والشحم حتى لا يتهم أهل الفرح بالبخل من قبل السادة المدعوين..؟ نظام البوفيه يتأرجح وقد بدأ (نظام البوفيه) الفندقي يدخل سباق (المفطحات، والكوازي) في موسم الافراح ولكن على مهل، وهو نظام في حالة وقوفه على قدميه فانه سينافس هذه الموائد التي تقام فوقها المفطحات، والكوازي إلا ان (نظام البوفيه) الذي هو تقليد وافد علينا مازال دون مستوى المنافسة، وعدد مشجعيه من كبار السن، ومتوسطي السن قليل بينما يحظى ببعض المشجعين الذين يفضلون التنويع في الوجبة فيختلط السمك باللحم بالجمبري، بالمشويات، بالمقليات، وغيرها، وغيرها.. فيضعون (خلطة الطعام) هذه في طبق واحد، ومعها قليل من (الشاورما، والبطاطس، وبابا غنوج)، ثم يأتي الدور على أطباق الحلوى..؟ وحتى الآن فإن (راية المفطحات، والكوازي) في المقدمة، و(راية البوفيه) في المؤخرة، بل ان بعض من يقيم المناسبات - في هذا الموسم - يفرضون نظام المفطحات، والكوازي لارضاء، واقناع ضيوفهم الذين لا يقبلون، ولا يرغبون، ولا يرتاحون لنظام البوفيه، والوقوف في طابور طويل لالتقاط (قطع اللحم، والسمك، والجمبري، والشاورما، وحبات البطاطس، وانما يفضلون الجلوس على الأرض امام صحون، وتباسي المفطحات، والكوازي مباشرة).. وكل موسم والجميع بألف خير؟..