لم تكن وسائل التواصل الحديثة والسريعة كفيلة أن تزحزح "صندوق الشكاوى" الذي تربع على ردهات بعض القطاعات الحكومية والأهلية؛ ليكون هو وسيلة نقل صوت المراجع الذي يشتكي سوء خدمة ما!، وكأنه مثلما كان الوسيلة الوحيدة التي تحمل ما في قلب "المراجع" في زمن التقنية والسرعة والشفافية، حيث من المفترض أن يكون صوته مسموعاً لدى المسؤول مباشرة، فهذا الصندوق الأسود لم يعتره "الوهن"، ولم يحال إلى "التقاعد" لدى كثير من القطاعات، حتى بقي حجر عثرة أمام مراجعين لم يصل صوتهم إلى ذلك المسؤول، مانحاً عذراً لكثير من العاملين خلف قطاع العلاقات العامة والسكرتارية أن يختصر على أذنيه سماع الشكوى بعبارة "اكتب شكواك وحطها في الصندوق"!. وهذا ما يدعو إلى التساؤل حول اليوم الذي سيتم فيه التخلي عن تلك الصناديق الجديدة وفق ما توصلت إليه التقنية الحديثة، ليكون هناك تواصل مع المسؤول الذي تعذر الالتقاء به، مثل ما فعل وزير الثقافة والإعلام د.عبدالعزيز خوجة الذي كان أول مسئول يضع بريده الإلكتروني على صفحته الخاصة بموقع الفيس بوك ليستقبل من خلالها أي ملاحظات أو شكاوى عن الوزارة.. "الرياض" من خلال هذا التحقيق تناقش علاقة المراجعين ب"صندوق الشكاوى" المستجيب دوماً لأصواتهم في ظل عدم وجود الآذان الصاغية من البعض. الاستغناء عن الصندوق طالب "علي بن سعد الأحمري" بالاستغناء عن "صندوق الشكاوى" والاكتفاء بما قدمه في سنوات خدمته، قائلاً: "في إحدى المؤسسات التجارية الخاصة بشراء الجملة للأدوات الكهربائية اكتشفت أن هناك مشكلة حسابات في مشترياتي واتضح أن أحد المحاسبين كان يقوم بتغيير مبالغ الفاتورة وذلك ليدخل زيادة في عمولته وفي حينها حاولت أن أصل للمسؤول الذي يدير تلك المؤسسة لأوضح له ذلك ويكون الحديث خاصاً، وعندما توجهت لقسم الإدارة أوضح لي سكرتير المدير عدم إستطاعتي مقابلته وحاول معرفة طلبي إلاّ أنني رفضت بعدم البوح به سوى للمدير، فرد لي حينها أن أقدم شكواي عبر الصندوق مطالباً بوضع هاتفي للتواصل معي وسيتم الاتصال بي لاحقاً"، مبيناً أنه مر على الموقف عدة شهور ولم يتصل به أحداً من تلك الشركة. مواطن يقدّم شكواه في صندوق دون أن يعلم مصيرها (عدسة: محمد الحويطي) إهمال الاتصال وروى "فائز وعلان" موقفاً حدث له في أحد المراكز الصحية حيث وجد تقصيراً من قبل أحد الأطباء في عيادة الأطفال ولم يجد أذنا صاغية حينها لينقل خلالها ما وجده من سوء معاملة الطبيب الذي كشف على ابنته، حيث كتب وصفة دوائية لمواقع تختلف عن ما هي تتألم منه، مضيفاً: "عدت لذلك الطبيب وناقشته، وعندما أحس بالخطر كابر وحدثت مشادة كلامية بيني وبينه، وبعدها خرجت من عيادته بحثاً عن المدير قبل أن يرشدني الموظف بان أكتب خطاباً أضعه في صندوق الشكاوى الموجود في صالة انتظار المركز الطبي، ووضعت رقمي ولكن للأسف لم أجد من يهاتفني". فايز وعلان تحولت ضده وتمنى "خالد سالم العنزي" أنه لم يضع شكواه في ذلك الصندوق، حيث تفاجأ بعد مرور شهر كامل بالاتصال عليه وتحولت الموضوع الذي طالب به يتحول ضده، مكملاً: "هذا ما وقع لي في إحدى الشركات الأهلية التي أعمل بها حيث لم أستطع مقابلة المشرف العام عن القطاع الذي أعمل فيه لأوضح له ما أجده من تقصد وسوء فهم من قبل نائبه، فوضعت خطابي في صندوق الشكاوي على معرفة مني أن ليس لأحد صلاحيه في فتحه سواه، ولكن تفاجأت بعد مرور شهر أنه تم نقلي لقطاع آخر وتوضح لي الأمر أن هذا الخطاب وصل للمساعد وهو من فتح هذا الصندوق!". بريد إلكتروني ونادى "سليمان حبيب الحربي" بإيجاد بدائل أخرى للتواصل وسماع الشكوى لا سيما في زمن التقنية الحديثة ووجود عدة قنوات للتواصل ومن أهمها البريد الالكتروني، قائلاً: "من المفترض أن نجد يوماً ما بديلا عن هذا الصندوق الذي لم يقدم خدماته بشكل فاعل خصوصاً في السنوات الأخيرة، إلى جانب غيابه عن عين الرقيب. علي الأسمري تنفيذ المحتوى وأكد "سليمان محمد الكاملي" على أن وجود وسائل تقنية حديثة تغني عن هذا الصندوق هي محاولة ممتازة ومنتظرة، مطالباً بشفافية أكبر من قبل المسئولين كافة، مضيفاً: "مكانتهم التي وضعت هي من أجل خدمة المواطن أو المقيم المراجع وكل منهم يتحمل هذه الأمانة الملقاة على عاتقة"، منوهاً أن هناك جهود كبيرة تبذل من قبل الكثيرين منهم، إلاّ أن صوت المراجع يجب أن يصل للمسؤول في أي قطاع، وفق آخر ما توصلت إليه التقنية دون الحاجة إلى تلك الوسائل التقليدية، مشدداً على أن الأهم في الأمر هو تنفيذ محتوى الرسالة والاهتمام بها وذلك هو المحك الحقيقي.