صورتان نشرتهما جريدة «الصن» البريطانية الأسبوع الماضي لصدام حسين، إحداهما بلباسه الداخلي، وثانيتهما بثوبه الأبيض وهو يغسل ملابسه. أثارت الصورتان ردود أفعال عربية وعالمية كثيرة ومتناقضة.. على رأسها الشماتة التي تشفت بها كصور «أذلت صاحبها ليكون عبرة للآخرين».. ومنهم من رآها مصدراً للسخرية باعتبار صدام احتل مكان النساء العاريات على صفحات «الصن»!.. ومنهم من اعتبرها مصدراً لإنذار باقي طغاة العالم وطلب منهم أن «يتأكدوا من نظافة ملابسهم الداخلية علشان الصورة تطلع حلوة»! الذين ارتفعت نظرتهم قليلاً عن هذا المستوى رأوا أن نشر صورة «الطاغية بثيابه الداخلية» هدفه «توجيه ضربة للمقاومة».. والذين تعمقت نظرتهم أكثر رأوا فيها صوراً «لأبو غريب آخر»! أما العقلانيون والعارفون بأبعاد قضية نشر هذه الصور فقد استاؤوا لدرجة أن أحدهم في الإندبندت البريطانية أكد أن القضية «ليست قضية ملابس صدام الداخلية، بل القانون».. وقال «إنه بالرغم من أن جرائم صدام حسين تدينه إلا أن ذلك لا يسوغ تقويض القانون الدولي والإنساني من أجل إذلاله». وهذه هي الحقيقة.. إنها فضيحة وإهانة موجهة ليس إلى صدام حسين.. وإنما إلى القانون الدولي بأكمله! فمصدر هذه الصور، كما ذكرت صحيفة «صن» البريطانية، «مصادر عسكرية أميركية»، رغم أن الجيش الأميركي أعلن أن مصدر هذه الصور «مجهول» لكنها «قد تعود إلى أكثر من سنة»!.. لكنها لم تنف الحقيقة الصارخة بأنها «تنتهك قوانين وزارة الدفاع وعلى الأرجح معاهدات جنيف حول معاملة المعتقلين». أليست هذه إهانة لقوة ومنعة الحرس الأميركي الذي لم يستطع حماية خصوصية «السجين رقم واحد» (في نظام السجن العالمي الأميركي المتركز في العراق وأفغانستان وغوانتانامو)! أجمع العارفون أن هذه الصورة لم تؤثر على صورة الرئيس المخلوع كما أثرت على صورة الولاياتالمتحدة الدولية التي تلاحقها ملفات وتقارير معاملة جنودها السيئة لأسرى ومعتقلي أفغانستان وغوانتانامو، وأبو غريب العراقي! من حق واشنطن أن تحقق في أمر تسرب هذه الصور، ومن حق رغد صدام حسين أن تبكي تعرية أبيها وتكلف محامين لرفع دعوى بهذا الشأن. ومن حقنا نحن القرّاء أن نطالب الصحف بعدم نشر مثل هذه الترهات.. صدام طاغية يستحق العقاب لكن ليس بهذه الأساليب الدنيئة.. وإنما بمحاكمة عادلة تليق بالقوانين الدولية والإنسانية.