وضعنا السباح التونسي أسامة الملولي الذي اختير أفضل رياضي في دورة الألعاب العربية التي اختتمت أخيراً في الدوحة في حرج بالغ لا نحسد عليه بعد أن حصد بمفرده 15 ذهبية في لعبة واحدة فقط وهو العدد ذاته الذي حققته بعثتنا السعودية برمتها والبالغ عددها ما يقارب من 500 رياضي، وكاد الملولي نفسه أن يضيف ذهبيته السادسة عشرة ويتفوق على حجم بعثتنا الضخم لولا انه وقع في خطأ فني استوجب سحب هذه الميدالية منه، هذا الحقيقة المرة التي لا يمكن أن نقول معها إن الإعلام دائما ما ينظر إلى نتائج الرياضة السعودية بنظرة سوداوية، ولكنه الواقع الذي نحاول أن نبتعد عنه برمي التهم على الآخرين وبالطبع سيكون الإعلام هو أحد هذه الجدران القصيرة التي يتم إلقاء اللوم عليها. الإعلام الرياضي تجاوب وتناغم مع الانتصارات السعودية في الرماية وألعاب القوى والكاراتيه والفروسية، وقام بهذا الدور من باب الواجب وأداء وظيفته المناطة به، وعندما يحلل وينتقد الإخفاقات التي عادت بها فرقنا الأخرى فإنه أيضا يقوم بواجبه أيضا من باب الإشادة بالمنجز وتشجيعه ولوم الفاشل والتعريف به وليس لأنه ينظر بمنظار أسود! ما ينقص رياضتنا لتصبح في مصاف الملولي هو الاعتراف بالخطأ ومحاسبة المقصر أيا كان من لاعب أو إداري أو حكم أو كل من له صلة بالشأن الرياضي، فهذا الملولي جرد من إحدى ميدالياته في ملبورن الاسترالية بسبب تعاطيه المنشطات واعترف حينها بهذا الجرم لكنه عاد قويا وسجل نفسه قرشا في أحواض السباحة العالمية منها والإقليمية. الفرق بيننا وبين الملولي أننا سنعود من الدوحة وسيتم تسجيل ملف الإخفاق ضد مجهول وندخل في معمة المسابقات المحلية ونشغل المجتمع الرياضي بقضايا جانبية ونترك ملف الفشل مغلقا إلى حين وستأتي اولمبياد لندن ونحن نقدم الوعود تلو الأخرى دون أن نقدم ومن باب الشفافية ما هو سبب فشلنا وإخفاقنا المتواصل. بعيدا عن المجاملات و"دمدمة" الأمور يجب أن نضع الأمور في نصابها فاتحادات السلة والسباحة والطائرة والمبارزة وألعاب القوة (الملاكمة والمصارعة بنوعيها ورفع الأثقال) والتنس وكرة المضرب والبولينغ والسنوكر والبلياردو أصبحت عبئا على رياضتنا السعودية وما تقدمه هذه الاتحادات من نتائج لا يوازي أبداً بأي حال ما نطمح إليه، وإحقاقا للحق فلسنا بحاجة إلى اتحادات بمثل هذه الاتحادات إذا كان همها فقط المشاركة والعودة بخفي حنين. وفي هذا الصدد أعجبني ما كتبه الزميل فياض الشمري عن هذه الاتحادات وتحديدا عن اتحاد السباحة عندما قال إن السعودية تملك أكبر شواطئ عربية ومع هذا لا يوجد لدينا بطل واحد في هذه اللعبة، وأردف ساخرا "أخشى أن يخرج علينا مسؤول في هذا الاتحاد ويقول إن فشل اللاعبين يعود إلى أن أرض المسبح كانت مبللة بالمياه!!". وهذه الجملة كانت هي العذر الذي نواجه به أي فشل كان يواجهنا في الماضي في كل لعبة. اليوم نحتاج لوقفة صادقة والاستفادة من درس الإخفاق في قطر، العمل يجب أن يرتكز على صناعة القدوة في مجال الإدارة الرياضية واللاعبين، فعندما يتم إيجاد بطل في لعبة فسيكون المجال أرحب لإيجاد جيل من الأبطال على الأقل يكونون مقلدين في البداية ثم لا يلبثوا أن يكونوا أبطالا، حتى نصنع أجيالا متعاقبة في كل لعبة، ففي البرازيل مثلا لا يزالون يقلدون بيليه، والأرجنتينيون مثلهم كرويا مارادونا هذا في كرة القدم، أما في اللعبات الأخرى فأنجبت البرازيل السائق ايرتون سينا وعندما توفي خرج باركيللو، وفي المانيا توارى شوماخر في الفورمولا لكنه سلم الراية لفيتيل، وفي كرة المضرب تتعاقب الأجيال في اسبانيا واميركا وصربيا واستراليا، وتزخر الرياضات الأميركية في ألعاب القوى والسباحة بالقدوة الرياضية، وقس على ذلك في فرنسا وألمانيا وبريطانيا. إذاً التحدي المقبل للجنة الأولمبية ومعها الاتحادات الرياضية يكمن في محاولة صناعة الرياضي القدوة للخروج من هذا المأزق الذي تعيشه رياضاتنا السعودية ربما يحتاج هذا لوقت لكن أن تبدأ وتتأخر خير من ألا تبدأ أبداً.