نظام مجزأ :يؤكد "د. عمر الخولي" استشاري قانوني، أن نظام القضاء الصادر بتاريخ 19/9/1428ه ورد فيه تخصيص ما يسمى ب "محاكم الأسرة"، مرتبط بكافة الأمور والمنازعات التي تكون داخل الأسرة، أو بسبب العلاقات الزوجية، مضيفاً أن كل ما يتعلق بوجوبها أو الانتهاء منها فإنها تختص ب "محاكم الأحوال الشخصية"، موضحاً أنه إذا وجدت مثل هذه المحاكم فإنها ستسهم بشكل كبير في القضاء على التأخر في البت في "قضايا التركات"، التي لا تحتمل التأخير في كثير من الحالات حتى لا تتفاقم، مشيراً إلى أن قضايا الإرث من القضايا التي إذا تأخر الحكم فيها فإنها تتفاقم أكثر من حيث الورثة، وعن السبب في التأخر في إيجاد محاكم تتعلق بالقضايا الأسرية فقط، أرجع ذلك إلى عدم تطبيق آلية العمل التنفيذية، التي ألزمت جهة القضاء العام بوضع هذا النظام مجزءاً، من خلال تطبيق أجزاء منه بعد عامين، وأجزاء أخرى بعد ثلاثة أعوام، وأجزاء منه بعد خمسة أعوام، إلاّ أنه مع الأسف أوشكت الأعوام الخمسة على الانقضاء من دون تنفيذ. قلة القضاة وأوضح "د. الخولي" أن سبب البطأ الشديد - من وجهة نظره - يتمثل في قلة أعداد القضاة في المملكة، حيث المشاكل في المجال القضائي شأنها شأن أي مشاكل أخرى في مجال آخر، مضيفاً أن نقص عدد القضاة في المملكة بشكل عام هو الذي يتسبب بتأخير إيجاد محاكم للأسرة أو محاكم الأحوال الشخصية، برغم الحاجة الشديدة إلى وجودها، لافتاً إلى أن إشكالية قلة القضاة بدأت منذ سنوات، حينما كان تعيينهم لا يتم من خلال جامعة واحدة، ومعظمهم من أبناء منطقة واحدة، حتى غيّر خادم الحرمين الشريفين نظام القضاء بوضع الشيخ "سالم الحميد" الذي حاول تطوير هذا المرفق وعين مئات القضاة، إلاّ أنه لن يستطيع مهما فعل أن يعوض النقص الشديد. وعن الأسباب التي دفعت المحاكم لفصل دور لجان إصلاح ذات البين عن الأداء بمهام الإصلاح والتوفيق بين الورثة في حال وجد الخلاف، فأكد أن الاختصاص النوعي عموماً هو القضاء العام، سواء وضعت تحت مظلة الأحوال الشخصية، أو تحت مظلة المحكمة العامة، إلاّ أن المحكمة لها دوائرها المتعددة وأعمالها الكثيرة، مفضلاً أن تقع قضايا الميراث في إطار محاكم الأسرة، على الرغم من أن معظم قضايا الأسرة تتعلق بالطلاق والحضانة والنفقة والخلع، إلاّ أنه ليس هناك ما يمنع أن تكون قضايا الأرث من ضمن القضايا التي تقع في ولاية محاكم الأسرة. نحتاج إلى إعادة النظر في بعض القضايا بدلاً من تعليقها سنوات.. والمتضرر «الورثة» إصلاح ذات البين وذكر "د. الخولي" أن جهود لجان إصلاح ذات البين تركزت في قضايا الطلاق، بعد أن لوحظ أن تلك القضايا قد أخذت منحى ارتفاع في السنوات العشر الأخيرة، حتى أصبحت هي أول القضايا، مضيفاً أنه بالنسبة للقضايا التي تحتاج إلى جهود إصلاح ذات البين أصبح يُسند إليها عمل مسائي لعلها تستطيع التقريب بين وجهات النظر في الأمور الأخرى، مؤكداً أن قضايا الإرث قضايا شائكة ترتبط بأعيان وشركات وعقارات مختلفة، وربما داخل المملكة وخارجها وتحتاج إلى جهد كبير، مبيناً أن أسلوب التنازل فيها هو الأقل احتمالاً من المشاكل الأخرى، مشيراً إلى أنه يمكن أن يوصل لحل في قضايا جنائية وصلح في بعض القضايا البسيطة، أما قضايا الإرث فإنها محسومة شرعاً، بل ونادراً ما يقبل الطرفان الصلح فيها، حيث إن الغالب أنه يتم الفصل فيها من دون صلح في غالبية الحالات. حقوق المرأة وعن حقوق المرأة في الإرث أكد "د. الخولي" أنه في السابق كانت هناك تجاوزات كبيرة في سلب حقوقها، إلاّ أن تلك المشاكل بدأت تنحصر شيئاً فشيئاً، وستنحصر أكثر بعد تطبيق نظام "البصمة الإلكترونية"، مضيفاً أنه ينبغي على كاتب العدل أن يتخذ إجراء وجود معرفين مع المرأة بإثبات شخصيتها، إضافة إلى بطاقة الأحوال الشخصية، ليحملهما مسؤولية ذلك الإثبات إذا وضح أنها ليست المرأة المعنية بالإرث، أو أن هناك تلاعبا في انتحال شخصيتها، مبيناً أن وضع المرأة في قضايا الإرث هي من أكثر الأمور التي لابد أن ينظر لها، حيث هناك بعض المناطق في المملكة مازالت ترى أن توريث المرأة يُعد نوعاً من "العيب" وليس واجب شرعي، ليحاولوا إرضاءها بجزء من المال النقدي، فتفرح بعض السيدات بذلك من دون أن تعلم أن ما وصلها من مال لا يساوي ربع ما تستحق من حقها في الإرث، فلا يسمح لها بالمشاركة في بيع الأراضي الزراعية أو بعض العقارات المتوارثة. د. الخولي: قلة أعداد القضاة أكبر عائق رهن بأسبابها وحول تعاطي القضاء مع حالات التوريث لابن من دون آخر من قبل الأب قبل وفاته، أوضح "د. الخولي" أن كل قضية مرهونة بأسبابها، فالقاضي ينظر إلى أن البيع لابن من دون آخرين من قبل الأب في حالة مرض، ويقصد به فقط تفضيل أحد الورثة عن البقية، وكان البيع صوريا، فهنا يحق للقاضي إبطال ذلك التصرف، ثم يعيد العقار إلى التركة ويدخله لكافة الورثة، مضيفاً أنه لا يوجد قول شامل ومجمل في هذه القضية، فكل قضية هي رهن بأسبابها وتاريخ التصرف وشكل التصرف في الإرث، والقاضي في حكمه رهين البينات وفق ما يطرح أمامه، لافتاً إلى أن القاضي له بعض القرائن التي يستدل عبرها على معرفة حقيقة التصرف، ذاكراً أنه فيما يتعلق بتتبع أملاك المتوفى ومعرفة جميع تفاصيل أملاكه وحصرها، فإنها ليست من مسئولية القضاء إلا عند الحاجة، حيث يمكن للمحكمة أن تكتب لمؤسسة النقد لمعرفة نصيبه في البنوك، وذلك لكاتب عدل، ولكن الأصل أن يترك ذلك للورثة للتعرف على إرثهم، أما إذا مات شخص ولم يكن له أبناء أو لا أحد يرثه، فإن أملاكه تودع في بيت المال. المحكمة العامة لا تزال تنظر في قضايا الورثة من دون تخصيص محاكم للأسرة