قد يفتح انسحاب القوات الأميركية من العراق الباب على مصراعيه لمحاولات ايران لتوسيع نفوذها في المنطقة. غير أن هذا الباب قد ينغلق بسرعة بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران من سدة السلطة . وهذه واحدة من أهم الشكوك التي تؤرق طهران في أعقاب قرار الرئيس اوباما الخاص بسحب جميع القوات الأميركية بنهاية هذا الشهر. ومن الوهلة الأولى يبدو الانسحاب وكأن إيران ستحقق الكثير من الانتصارات خاصة إذا ما أسفر الانسحاب الأميركي عن تحول هائل في القوة بتحول التركيز العسكري الاميركي إلى منطقتي شرقي آسيا والباسيفيكي. حيث لن تتواجد عشرات الآلاف من القوات الأميركية على حدود إيرانالغربية، كما أنها ستغادر تاركة وراءها حكومة عراقية تسيطر عليها العديد من الأحزاب الموالية لإيران. وبخفض التواجد العسكري الأميركي إلى بضع مئات من الخبراء الذين سيشكلون مكتبا للاتصال سيمارس مهامه من داخل السفارة، فان من المتوقع أن تتمكن إيران من التسلل إلى داخل أجهزة الاستخبارات العراقية-التي تعد المدخل إلى السيطرة على السياسات الداخلية للعراق- وتوسيع نطاق صلاتها بالسياسيين النافذين في البلاد. وبوصفها ثانية الدول الأكثر سكانا في المنطقة والتي تحوز على واحدة من اكبر احتياطيات النفط في العالم ، فان عراقاً مواليا لطهران يمكن أن يكون لاعبا مهماً في الصراع على النفوذ بين إيران والدول الأخرى في الشرق الأوسط ، ومن ثم قد تلوح أمام طهران فرص مشرقة في تعزيز هذه العلائق. ولكن بنظرة أكثر قربا ، يبدو المستقبل غير مؤكد ، ذلك أن الكثير من الأمور ستتوقف على كيف سيناور اللاعبون الرئيسيون- بما فيهم الولاياتالمتحدة- دبلوماسيا في البيئة الجديدة التي أوجدها انتهاء الحرب العراقية. وفي هذا الصدد يقول انطوني كوردسمان المحلل السياسي بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية إن على الولاياتالمتحدة ان تنجح في الحد من النفوذ الإيراني في العراق وإنشاء قوات عراقية قادرة على الدفاع عن تراب الدولة. غير أن قدرة إيران على الهيمنة على عراق ما بعد الانسحاب الأميركي قد تحدها العديد من العوامل. فالكثير من العراقيين مازالوا يتجرعون مرارة الحرب العراقية الإيرانية التي سقط فيها الملايين من أبناء جلدتهم. وبالإضافة إلى ذلك فان العراقيين الوطنيين لا يرغبون في أن تكون بلادهم دولة تابعة لإيران، وهذا خطر حقيقي على النفوذ الإيراني، رغم أن الكثير من الأطراف تستهين به، على حد قول دوغ اوليفان المدير السابق لقسم شؤون العراق بمجلس الأمن القومي الأميركي. ويمكن لأي انتصار استراتيجي لإيران في المنطقة أن يتحول إلى هزيمة كاملة بتغير النظام في سوريا، حيث يواجه بشار الأسد معارضة متصاعدة لنظام حكمه . وسيمثل سقوط الأسد اكبر ضربة للسياسة الخارجة الإيرانية منذ الحرب العراقية الإيرانية وسيجعل من العزلة الدولية التامة لطهران أمرا محققا وستفقد إيران جسر العبور إلى الجماعات والمنظمات التي يؤويها النظام السوري.