إنه لمصاب جلل أن نفتقد ثلة من فتيات المنطقة في طريق طلب العلم الجامعي، ونحن إذ نعزي ذوي الموتى سائلين الله أن يجبر المصاب ويغفر للأموات لنقف عدة وقفات مع هذا المصاب الجلل: الأولى: إيجابية التفاعل الاجتماعي مع الحدث والذي ظهر بكثرة المشيعين والمعزين، وما تبع ذلك من رسائل المواساة المتبادلة بين كافة فئات المجتمع، وهذا يدل على أن مجتمعنا مجتمع متراحم متكافل تنتفي فيه كافة الفروقات عند اشتداد المصائب ووقوع الكوارث فجزى الله خيراً كل من تفاعل بإيجابية مع الحدث. الثانية: الحديث عن أسباب الحادث ومسبباته والمسؤولين عنه ومطالبة الكثير بجدية التحقيق ومحاسبة المقصر هو حق اجتماعي يجب العناية به من قبل المسؤولين وقد لا يتحقق إلا أن تكون المطالبة من قبل المعنيين إن اجتمعوا على ذلك ووقف معهم المخلصون من أبناء الوطن. الثالثة: وهي مدار حديثي إعلام المنطقة الذي طالما غيّب الحقائق وطبل للمتخاذلين والمتهاونين متبعاً الأهواء وراكضاً وراء المصالح إلا من وفقه الله. الإعلامي الذي يبرز في المنطقة يكون بين خيارين لا ثالث لهما إما أن ينتصر للحق ويطالب به وبحقوق الوطن والمواطن متجرداً من الأهواء والمصالح الذاتية وهذا سيواجه من التضييق على مصالحه الشخصية من قبل الإدارات العامة في المنطقة التي جرد أكاذيبهم وكشف تهاونهم، فيعيش محارباً بنفسه وأسرته. والخيار الآخر أن يطبل للمسؤول ويجاريه ويختلق له من الأخبار والمشاريع الكبرى ما هو بعيد عن الواقع أو على الأقل يسكت عن كل خلل ظاهر في إداراتهم وكل مآسي ناتجة عن لامبالاتهم، وهذا الخيار سيحقق للإعلامي خيراً دنيوياً كثيراً أقلها أن تجد كبار المسؤولين يخطبون وده، ومصالحه الشخصية متحققة في كل إدارة بمجرد دخوله على ذلك المسؤول وقبل أن ينهي فنجال القهوة عنده حيث يسخر له كافة الموظفين كمراسلين لإنهاء معاملته. بل ولا تعجب أن يرقى وظيفياً ليكون عضواً بارزاً في إدارة الإعلام التابعة للمسؤول. مصابنا في أبنائنا وبناتنا مستمر طالما أن مصابنا في إعلامنا قائم. إذا المسؤول لم يجد إعلامياً يطالب بحقوق المواطن، ولم يجد مجتمعاً يجتمع أفراده عليه ليطلعوه على آثار تقصير إدارته ويناقشوه ويطالبوه بالإصلاح والضبط أو الاتجاه لولاة الأمر لإطلاعهم على الخلل، فإن المصاب سيستمر ولنعود أنفسنا أحبتي على تحمل المصائب في ظل إعلام غائب. لجان التحقيق لماذا والخلل ظاهر لا يحتاج إلى بحث كمن يقص أثر الجمل والجمل أمامه. منطقتنا تعاني صحياً وتعليمياً وطرقاً والمعاناة تزداد ولا تنقص ويتفاقم خطرها ويعظم أثرها عاماً بعد عام في ظل الكثافة السكانية المتزايدة والناتجة عن تجمع أهل المنطقة داخل حائل في ظل انعدام مقومات الحياة في القرى. وأخيراً إن أردنا أن تنتهي مآسينا فيجب: 1/ أن تؤدى الأمانة في كافة إداراتنا ومن قبل كل مسؤول وموظف وعلى خطباء الجمع وأئمة المساجد ومدارس التعليم والإعلاميين أن يكثروا الحديث عن الأمانة وأهميتها ولا انضباط إلا بوجودها ولنستشعر خطر ضعفها وفقدانها، يجب أن نعزز الرقابة الذاتية لدى الناس. 2/ على الجميع أن يستشعر المسؤولية، لماذا نطالب بالمناصب ونسعى لها فإذا أسندت إلينا مسؤولية صار اهتمامنا بمظاهرنا وحديثنا عن صعوبة التغيير وضعف الإمكانات، ولذا نقول يجب على كل مسؤول أن يتحمل مسؤولية الضبط والإصلاح أو يتحمل جدية المحاسبة. 3/ أيها الإعلاميون تجردوا من أهوائكم ومصالحكم وعلاقاتكم مع المسؤولين وأظهروا كلمة الحق فهو أصلح للوطن والمواطن، واعلموا حقيقة (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون) 4/ ينبغي أن لا نعلق الأخطاء على الميدانيين في كل كارثة ومصيبة، وهم أن كانوا يتحملون جزءاً من المسؤولية إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على الجهات الإشرافية والمحاسبية. 5/الدولة تدفع الكثير من الأموال وتخصص النسبة الأكبر من الميزانية للمشاريع التنموية ولكن الواقع لا يوافق المخطط له ، لذا ينبغي على المؤسسات الرقابية في المنطقة كهيئة الرقابة ومجلس المنطقة أن تؤدي دورها الرقابي بما يحقق الضبط العام ويوجد التوافق بين المخطط والمنفذ.