لا شك أن الشخص هو الذي يفرض نفسه على الآخرين إما بالمحبة والتقدير أو ضدها - لا سمح الله - فأخلاقه والتزامه وتصرفاته فقط هي مفتاح شخصيته - بإذن الله - وقد أشار إلى ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن تسعوهم بحسن أخلاقكم}، فكم من الأشخاص أوتوا من الأموال أو المكانة الاجتماعية ولكن تجد محبتهم في قلوب الناس ليست بذات المكانة بسبب أخلاقهم وتصرفاتهم، وكم من الأشخاص فرضوا محبتهم بسبب أخلاقهم العالية، فإن من هؤلاء الأشخاص الذي أجمع على محبته كل من عمل تحت يده أو قابله هو أخي الفاضل والمربي القدير (عبدالله عبدالرحمن عالم) سفير خادم الحرمين الشريفين في اندونيسيا الذي امتاز بالأخلاق العالية والكرم الحاتمي والحرص الشديد على الالتزام بتعاليم الدين القويم، فكان بحق من خيرة الذين يمثلون بلاد الحرمين الشريفين، فطوال عمله الدبلوماسي الذي امتد أكثر من أربعين عاماً في سفارات خادم الحرمين الشريفين بدول عديدة تدرج فيها بالمناصب حتى تسلم زمام قيادة البعثات السعودية بعدد من الدول من آخرها اندونيسيا الشقيقة، كان طوال تلك المدة شخصية محبوبة ومحترمة سواء من المسؤولين بالدول التي يعمل بها أو ممن تحت يده من العاملين السعوديين فيها أو من الزوار السعوديين من غير العاملين، وما شعور الأسى على وجوه زملائي السعوديين في حفل توديع سعادته وكلماتهم المملوءة حزناً على فراقه إلا واقعاً ملموساً لهذه المحبة، فكم كان مشجعاً وموجهاً ومسانداً لأعمالهم حتى يمثلوا بلاد التوحيد خير التمثيل، ولكن حسبي وحسبهم أنه سوف ينتقل إلى موقع آخر مهم ليدير دفته، سوف يكون سفيراً لخادم الحرمين الشريفين في سلطنة عمان الشقيقة، فكل التهاني والتبريكات لزملائنا بالسفارة هناك، ولا يسعنا إلا أن نقول على فراقه - إنا لله وإنا إليه راجعون - اللهم أخلفنا مثله أو خيراً منه. وهذه عدد من أبيات شعرية ألقاها أخي فضيلة الدكتور إبراهيم الشقاري الأستاذ بمعهد العلوم الإسلامية والعربية في جاكرتا عبر فيها عن خلجات قلبية وقلوب جميع زملائه في اندونيسيا. نبأ سرى بث الأسى فرددته وحسبت أن الرد تلو الرد قد محاه لكن صوت رنين هاتف غرفتي قطع الرجا فعلا الفؤاد اساه رحل السفير وخف صوت مهاتفي قل لي كذبت فقد نزور رباه رحل السفير فضج في نفسي الأسى وبكت عيون شاقها مرآه رحل السفير ويا لوقع عبارة منها تجيش الروح واكبداه رحل السفير عبارة ما خلتني أقوى على نطقي بها ويلاه كان للمثال على استقامة منهج لم تلهه غيداء يا حاشاه وإذا أردت زيارة في منزل نلت السماحة والندى يغشاه وتراه حين تجيئه متهللاً فكأنما تعطيه أنت نداه وبطيب مسلكه نزيد تعلماً ومن المعين العذب يغدق ماه من بلدة في بلدة لا تنثني عن خدمة الوطن الذي رباه من ذا سيجمعنا ومن ذا يعتني بصفوفنا وتزيدها رؤياه