لم يكن برنامج "الفئة الفالة" من أولوياتي في الكتابة، رغم أني تابعت كل الحلقات والمقاطع التي نشرت له ولغيره، كنت سأضع"الفئة الفالة"رابعا أو خامسا، حسب اعتقادي أن هناك من البرامج ما يفوقه أهمية وانتشاراً، لكن الحلقة الأخيرة قلبت الموازين وجعلتني أقرر البدء بهذا البرنامج دون غيره، لأن "محمود وعمار" وضعا نفسيهما أمام تحدِ ليثبتا بحجمه. في حلقة الفئة الفالة "5.5" وضع معدو البرنامج رسالة مغايرة في بداية الحلقة، مفادها أنهم أرادوا أن يثبتوا أن البرامج الساخرة ليست قائمة على الاستهتار واستغلال حرية الإعلام الجديد لطرح مواضيع جريئة من أجل الشهرة. في البداية شعرت بأن البرنامج سيخرج عن خطه الجيد بشكل كبير ويتحول إلى برنامج وعظي، وهنا ستقتل السخرية والجاذبية حين تتحول إلى واعظ مباشر، في مجتمع نال الوعظ منه نصيبه الأكبر. محمود وعمار أثبتا انهما قادران على شد الانتباه بما يفوق القدرات الإخراجية التي واكبت إنتاج الحلقات منذ بدايتها، وتميز بها عن بقية البرامج الكوميديا المحلية، فاستطاعا تناول موضوع"الأيدز" من جانب مثير جدا، لم يتحول إلى سرد مجرد للمعلومات، أو وعظ وتحذير معتاد من الإصابة بالمرض، وتعزيز النظرة الدونية للمرضى بصورة غير مباشرة، من أجل تخويف الأخرين من الإصابة به، وكأن الإصابة بالإيدز عمل اختياري!، بل على العكس في الحلقة رد اعتبار جريء ومهم للمصاب، وطرح احترافي للمسألة، مع تجارب شخصية عززت ما يريد أن يصل إليه معدو الحلقة، وإن غابت السخرية عن البرنامج، الذي كان فعلاً كما قرر له سلفا "هادف وغير هادف" وأضيف "واعظ وغير واعظ"، وقد يعتبر تجاوزاً مقبولا من برنامج ساخر هو في الأساس. منذ بداية الحلقات لم تكن قوة البرنامج في الكاريزما الشخصية لمقدم البرنامج كما هو معتاد في البرامج الكوميدية التي تعتمد على نكت مقدميها، وأظن ان محمود وعمار لا يتمتعان بجاذبية كبيرة على المستوى الشخصي كمقدمين لبرنامج ساخر، وكان حديثهما المباشر باردا إلى درجة كبيرة، لكن منذ بداية الحلقات ركز معدوه على عدة أمور مجتمعة جعلت البرنامج ناجحا بامتياز، وربما تجاوز مسألة الكاريزما الشخصية للمقدمين. أهم عوامل نجاح البرنامج هي الاحترافية في التصوير والمونتاج، والتي كانت أكثر تعقيدا من بقية برامج الكوميديا السعودية على شبكة الإنترنت،"الفئة الفالة"تميز بالكليبات والمقاطع والأغاني التي صنعت بصورة جيدة، حتى كانت منوعة بحيث تجاوزت إشكالية التقديم كما أشرت سابقا. "بالإضافة" إلى التصوير والإخراج تميز البرنامج بالأفكار المثيرة والجدية، فقد طرحت في أوقات سابقة قضايا اجتماعية بتفاصيلها ك"الزواج والمخدرات والقنوات الفضائية، والتأمين والصدقات والحملات التطوعية" وغيرها، وبإشارات عابرة في أحايين أخرى، بمشاهد احترافية ساخرة إلا في حلقة "الأيدز". ربما تميز البرنامج بالتأني في صناعة الحلقات والجماعية في صناعة العمل. وأهم ما يميز"الفئة الفالة" عن جل البرامج السعودية الكوميدية الأخرى، استثمار الأغنية في نشر الفكرة التي يريد معدو البرنامج إيصالها للمتابع، كما تميزت الأغاني بجاذبية على مستوى الكلمات والألحان، وبمحاكاتها للتوجه العالمي في استثمار الأغنية في طرح المشكلات وعلاجها، أو الحديث عن سلبيات المجتمع. أظن أن استمراية برنامج"الفئة الفالة"على ذات المستوى ومحاولة تطويرها مستقبلاً سيعطي ثماره ليكون الأفضل خاصة بعد تجاوز السلبيات منه.