طبعاً الإجابة المعروفة تقول إنه نظراً لتوقع هطول أمطار غزيرة، ومن أجل الحفاظ على أرواح أبنائنا وبناتنا في هذه المرحلة العمرية التي لاتمكنهم من حسن التصرف في ظل هذه الأجواء والظروف الطارئة !! لكن مبرر هذا القرار لم يتوقف عند هذا الحد .. فهو قرار وضع أمامنا تساؤلات كثيرة جداً وطرح علامات استفهام تجبرنا على البحث عن الإجابات الصادقة الصريحة " المخلصة " ويجب علينا أن لا نتوقف عند قبول القرار بكل تلقائية في ظل علامات السعادة والاستبشار التي علت وجوه الطلبة والطالبات فرحاً بهذا القرار من أجل التهرب من الدراسة والمدرسة دون الاكتراث بالمبررات والأسباب !! من أهم هذه التساؤلات التي تسارعت فور صدور قرار تعليق الدراسة في ذلك اليوم التساؤلات التالية : لماذا تم تعليق الدراسة أصلاً ؟! ماهي المبررات الحقيقة لقرار التعليق ؟! هل هذه هي المرة الأولى التي تشهد بلادنا خلالها أمطارا بهذه الكميات!! في الماضي قبل سنوات هل كان يتم التعليق في مثل هذه الظروف ؟! ماذا لو استمر هطول الأمطار أياما وأسابيع هل ستبقى الدراسة معلقة!! في الدول الأخرى المجاورة لنا والبعيدة عنا والتي تشهد أمطارا كثيفة وشبه دائمة وثلوجا هل يتم تعليق الدراسة لديهم ؟! الإجابة الحقيقية هنا هي أن قرار تعليق الدراسة عند هطول الأمطار والسيول هو بسبب قصور كبير في بعض أوجه الخدمات العامة وهو قصور أو أخطاء من المتوقع أنها تتسبب في حدوث خسائر مختلفة لا قدر الله عند هطول الأمطار؟! لذلك كان قرار تعليق الدراسة أقصر وأسرع وأسهل الطرق للحفاظ على سلامة أبنائنا وبناتنا من ذلك القصور، وحمايتهم بإذن الله من نتائج تلك الأخطاء وإنقاذهم من القصور والعيوب في مشاريع معينة كان الهدف المؤمل منها أن تحقق الحفاظ على سلامة وراحة المواطنين كافة، وتزيل عنهم الخطر والخوف. إن قرار تعليق الدراسة بهذه الآلية وقبيل هطول الأمطار والسيول قرار يجب أن نتوقف عنده كثيراً وأن لا نتقبله على أنه قرار إيجابي كلياً !! فهذه الإيجابية كان بالإمكان أن نحققها بإذن الله بطرق أخرى وبآلية عمل " مخلصة " تضمن بإذن الله السلامة والطمأنينة التامة لكل أبنائنا وبناتنا وكل المواطنين والمقيمين في كل وقت وفي كل مكان في أرجاء هذا الوطن الغالي !! إن قرار تعليق الدراسة قرار مفرح جداً لبراءة الطفولة والشباب وأصبح قرارا متوقعا ومرتقبا مع كل أمطار وسحب .. ولكنه قرار أرى أنه محزن جداً في مبرراته وفي دوافعه وفي مستقبله !! .. ومن المحرج أن أي أب أو أي ولي أمر لايستطيع تقديم إجابة لابنه أو لابنته عن سؤال لمبررات عادة تعليق الدراسة عندما يهطل المطر !! ويجب علينا ألا نستهين وألا نتساهل أو نفرح أو يفرح أبناؤنا بيوم أو ساعة يتخلف فيها الطلاب عن مقاعد الدراسة في هذا العصر !! إن قرار تعليق الدراسة قرار قبل أن تتخذه الجهات الرسمية كان من المتوقع أن يبادر به معظم أولياء أمور الطلبة والطالبات حفاظاً على صحة وسلامة أبنائهم وبناتهم لإدراكهم المسبق بمبررات مبادرتهم هذه وقياساً على ماشاهدوه في حالات سابقة !! وقرار من المؤكد أن فئة من الطلاب والطالبات قد اتخذوه من تلقاء أنفسهم فهم قد اعتادوا دوماً على اتخاذ أو توقع مثل هذه الإجازة في مثل هذه الظروف !! كتبتُ في مقالة سابقة أن المطر هو ولله الحمد أفضل وأقوى وأصدق رقيب على نجاح أي عمل تنموي وعلى جودة تنفيذ أي مشروع .. وهو ولله الحمد أفضل وسيلة اختبار لمدى صدق "وإخلاص" تنفيذ المشاريع في وقت خذلتنا فيه كل أجهزة الرقابة !! .. وفي زمن غاب فيه الإخلاص في العمل وفي التنفيذ خاصة في معظم المشاريع التي تمس تنمية الوطن وسلامة المواطنين وهي مشاريع قدمت لنا أعمالاً كشف عن جودتها المطر !! فكان قرار تعليق الدراسة وتعطلها القرار المنقذ لسوء العمل ورداءة التخطيط والتنفيذ، وغياب الرقابة والإخلاص والصدق .. لذلك فإن حقيقة القرار هي لإنقاذ الأبناء من خطر بعض المشاريع وليس من خطر الأمطار والسيول !! وفي ظل هذا الوضع نخشى مستقبلاً أن تكون أيام العطل الدراسية أكثر من أيام الدراسة لتلك المبررات !!