لا يوجد ما يبرر حالة التعتيم الذي يمارسها اتحاد كرة القدم تجاه ما يتردد عن معاناة الاتحاد من أزمة مالية خانقة أرهقت الاتحاد ومنعته من أداء الكثير من الواجبات المهمة، كما لا أجد داعياً لامتناع وسائل الإعلام عن تناول الأوضاع المادية في اتحاد الكرة، باعتبار أن الموضوع لا يكتسي صبغة الحساسية في ظل الشفافية التي ظل يطالب بها المسؤول الأول الأمير نواف بن فيصل. يتردد ومنذ أشهر عدة أن اتحاد القدم يمر بظروف مادية صعبة جداً وأن هذه الظروف وقفت أمام العديد من الخطط والمشاريع التي ينوي الاتحاد تنفيذها على أرض الواقع، لكن التساؤل الأهم هل هناك أزمة مالية حقيقية؟ وهل استحوذت عقود المدرب الهولندي فرانك ريكارد ومساعديه على كثير من البنود المالية ومنها ميزانية هيئة دوري المحترفين، وهل صحيح أن إدارة المنتخبات بقيادة محمد المسحل تعمل بميزانية مفتوحة أثرت على العديد من الأنشطة؟ من يدير بوصلة اهتماماته إلى تحركات الاتحاد في الأشهر الأخيرة سيجد أن ثمة أمرا حال دون إتمام العديد من الأمور التي تخص كرة القدم السعودية وهو الذي لا يمكن تفسيره سوى بالجانب المادي، وإلا فمنذ متى لا يتجنب اتحاد كرة القدم الصداع ولا يأتي بحكام أجانب لقيادة مواجهة حساسة وقوية تجمع الهلال بالنصر منذ أن أقر الاتحاد الاستعانة بطواقم تحكيمية أجنبية، ولماذا يمتنع اتحاد الكرة عن دعم لجنة الرقابة على المنشطات، ولماذا لم تصرف حقوق الأندية من النقل التلفزيوني عن الموسم الماضي؟، وهل صحيح أن الناقل السابق للمسابقات السعودية يماطل في صرف حقوق الأندية؟، وما مدى صحة ما يطرح حول تخفيض عوائد الأندية من نقل مسابقات هذا الموسم بفعل صعوبة الحصول على مبالغ توازي تلك التي حصلت عليها الأندية في المواسم الأخيرة بسبب عدم الاتفاق مع وزارة المالية على المبالغ التي ستستفيد منها الأندية؟ اندية تحت خط الفقر يدرك الأمير نواف بن فيصل أن الأندية باتت تحت خط الفقر، بدليل تأخر الرواتب في أقوى الأندية السعودية من حيث القوة المالية وهو الهلال الذي يرتبط بعقد قد يصل إلى 80 مليون ريال، فإذا كان الهلال يشتكي قلة ذات اليد فماذا يمكن القول عن البقية، أقول إن الأمير نواف بن فيصل يدرك صعوبة الأوضاع المادية في الأندية خصوصاً وأن اتحاد الكرة يتلقى بشكل شبه يومي اتصالات ومخاطبات من القائمين على الأندية يطالبون بصرف حقوقهم المثبتة عن العام الماضي دون الحديث عن مبالغ نقل مباريات هذا الموسم باعتبار أن هذا الأمر بيد رعاية الشباب ووزارة المالية، على اعتبار أن وزارة الثقافة والإعلام جهة منفذة للنقل التلفزيوني على أن تتولى رعاية الشباب ووزارة المالية تصفية حقوق الأندية. مع صدور الأمر الملكي الكريم، ظهرت أنباء عن أن الأندية ستقبض ما لا يقل عن عشرة ملايين ريال وقد يزيد هذا المبلغ إلى 15 مليونا أو بمعنى أدق أن حقوق الأندية إن لم تزد فهي لن تقل عن السابق قبل أن تجد الأندية نفسها في رحلة بحث عن حقوق الموسم الماضي، في حين أكدت الزميلة "الاقتصادية" في الأسبوع الماضي أن مبالغ الأندية لن تتجاوز مليوني ريال وهو الخبر المبني على مصادر وصفت بالمطلعة، على العكس مما نشرته العديد من وسائل الإعلام، أيضاً الأمير نواف بن فيصل أشار في حديثه الفضائي في قناة العربية بعد مباراة المنتخب السعودي وعمان إلى أن عدم استلام اللاعبين لبعض حقوقهم في أنديتهم وتأخر صرفها كان من أسباب مضاعفة المكافأة بعد مباراة تايلاند، ما يؤكد معرفة الرجل الأول في الرياضة السعودية بهذه الأزمة. المدلج أندية الهلال والنصر ونجران والأنصار والتعاون والقادسية والفيصلي والفتح تمثل أكثر من نصف فرق الدوري، وخرج قياديوها للمناشدة بسرعة الصرف بعد أن كانوا قد أوصلوا رسائلهم الرسمية، غير أن أي توضيح لم يخرج أو حتى وعد رسمي من قبل الاتحاد، وهو ما يعزز حقيقة وجود الأزمة. كل ما يريده الوسط الرياضي السعودي، معرفة صحة هذه المعلومات، ومعرفة حقيقة الصرف الهائل على المنتخبات السعودية الذي وكما يتردد أثر على حقوق الأندية وحرمها أهم مصادر الدخل، وجعل هذا المصدر المؤثر مهدداً بالتقلص إلى أقل من النصف، وهنا يجب أن يدافع اتحاد القدم عن نفسه عبر تفنيد هذه الأقاويل، في حين ليس من المعقول أن يتم تجاهل مطالبات الأندية بحقوقها، في وقت تخلت فيه هيئة دوري المحترفين عن أهم واجباتها تجاه الأندية وهي حماية حقوقها وتعزيز مصادر دخلها والبحث عن رعاة جدد للفرق وليس للدوري بمبالغ زهيدة، إذ أن وجود الهيئة هو لايجاد مرجعية تحمي الأندية وتنظم العمل فيها عدا عن توفير فرص استثمارية للأندية أكثر من الفرص التي تسعى الهيئة لتوفيرها لنفسها حتى وإن كانت خطوات الهيئة بإيجاد رعاة عدة للدوري أكثر من جيدة وتستحث الثناء، غير أن بعض الأحاديث التي يطلقها مسؤولوها تبعث على عدم التفاؤل بما ستفعله الأندية إزاء قضية تعليق حقوق النقل التلفزيوني، بدليل ما ذكره نائب مدير الهيئة الدكتور حافظ المدلج الذي قال في حديثه ل(الشرق الأوسط) كلاماً أقل ما يوصف بأنه غير احترافي، إذ استغرب مطالبات الأندية بصرف حقوقها الموجودة لدى هيئة دوري المحترفين مقابل سكوتها عن حقوق النقل التلفزيوني، متناسيا وجوب وأهمية أن تقول الهيئة كلمتها لحماية الأندية، وهو أكثر من يعرف أن مطالبة الأندية للهيئة لكونها تريد أي مبلغ حتى لو كان زهيداً - بحسب وصف المدلج - لسد رمقها، فمع كامل الاحترام للمدلج ومجهوداته إلا أن تخلي الهيئة عن الأندية لم يكن أمراً مقبولاً ويتنافى تماماً مع الاحترافية التي تنشدها حسب أحاديث مسيريها في الإعلام، وياليته أوضح للمتلقي أسباب عدم اجتماع أعضاء الهيئة والذين يمثلون أندية دوري (زين) لبحث مشاكلهم ومطالباتهم، بدلاً من تبرير تأخر الهيئة المحترفة في صرف المستحقات وكأنه وصي على الأندية وكيفية إدارتها والبحث عن حقوقها. إن ما ينتظر من مسيّر الرياضة السعودية الأول الأمير نواف بن فيصل إيجاد حلول عاجلة للأندية لإخراجها من دائرة الإفلاس عبر الطرق الرسمية من خلال مخاطبات الشركة الناقلة السابق ومقاضاتها إن كانت بالفعل قد أخلت بالبنود، بالإضافة للاجتماع بمسؤولي وزارة المالية لتأمين حقوق الأندية وصرف المبالغ المجزية بحسب ما نسمع نظير النقل التلفزيوني، وإلا فإن الأمور ستزداد سوءاً أمام الأندية التي لم تعد تحمل من الاحتراف سوى اسمه قياساً بتعثر جهودها لتسيير أمورها المالية، فما سبق ما هو إلا مجرد تساؤلات لما يدور في الوسط الرياضي ويطرح في الإعلام بين الحين والآخر على استحياء غير مبرر..!