بناءً على نصائح أحد أبنائي قمت برفقة عقيلتي، خلال عيد الأضحى المبارك، بزيارة إلى نجران. إنها منطقة رائعة وبفضل كرم الإمارة وموهبة مرشدنا السياحي اللطيف، تسنى لنا الانبهار أمام المنازل القديمة ذات الأدوار المتعددة ومزارع النخيل والتلال الرملية الزهرية اللون الخلابة في الربع الخالي. في محمية عروق بني معارض، تلبية لدعوة صاحب السمو الأمير بندر بن سعود بن محمد، الأمين العام للهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية، انبهرت بمنظر طبيعة محمية تحوي حيوانات فطرية تتنقل بحرية.. خالية من النفايات البلاستيكية. شكراً لحرّاس هذه المحمية (الرانجرز) المتميزين الذين يضطلعون بمهامهم بهذا القدر من الحماس! لم يسعني أن أمتنع عن التفكير: «يا إلهي، كم يكون هذا البلد جميلا لو يتم الاعتناء بطبيعته مثل ما يتم الاعتناء بها في محمية عروق بني معارض. يصح القول، إنه، خلال السنوات الأربع التي أمضيتها في المملكة العربية السعودية، تسنّى لي زيارة مدائن صالح ومدينة جدة القديمة والآثار الجميلة في الدرعية وواحات الهفوف والقطيف الفاخرة وصحراء النفود الحمراء ومزارع زيتون الجوف وشواطئ البحر الأحمر والخليج وجبال عسير والرجال - الأزهار، أي كنز من المناظر والآثار التي تمثل «اللؤلؤة المخبأة» في المملكة. تشير لي البعثات الأثرية الفرنسية التي تتعاون مع اللجنة العليا لحماية التراث بأنه لم يتم بعد اكتشاف القسم الأكبر من هذا الكنز! انصح بالتالي أصدقائي السعوديين باكتشاف بلدهم الذي يحوي هذا الكم من الجمال الطبيعي والثقافي. ولكن أعتقد أن الجهد الذي سيبذل من أجل حماية المواقع ضد الأضرار التي يسببها البشر سيعزز عزيمتهم على اكتشاف وطنهم. كم من المشاهد الطبيعية تم إتلافها بسبب تراكم الأكياس والأواني البلاستيكية! كيف يمكن تفسير الحالة الرديئة لدورات المياه في محطات الوقود بينما تستخدم أيضاً من أجل الوضوء قبل أداء الصلاة في المسجد؟ لماذا لا يتم المحافظة والعناية بهذا الكم من شجر النخيل بينما هذه الشجرة العظيمة هي رمز المملكة؟ ألا يجوز حماية موقع دومة الجندل الأثري ضد تعديات المباني الجديدة؟ بطبيعة الحال، سيكون الرد على اسئلتي بأن أولوية السكان - لا سيما الشباب منهم - ايجاد وظيفة وسكن. طبعا! ولكن كما يشدد الأمير الديناميكي، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، فإن السياحة وحماية البيئة تقدم فرصاً وظيفية استثنائية في الخدمات وفي المؤسسات الوسطى والصغرى البناءة، وهو على حق في ذلك. تضطلع السلطات بمسؤولية حماية هذه المواقع ولكن، قبل كل شيء تقع هذه المسؤولية على عاتق كل مواطن من المواطنين، إذ يتعين عليه أن يمتنع عن التلويث بل أن يساعد في ترميم وإصلاح بيئة وطنه. إن لون علم المملكة العربية السعودية هو اللون الأخضر. هو بطبيعة الحال لون الإسلام. لأمر عظيم لو كان أيضاً لون الطبيعة المحمية. يا صديقي السعودي، إن وطنك وطن رائع، احمد الله على ذلك واحترم بشكل أفضل جماله الطبيعي الذي خلقه الله عبر استغلال، بشكل أفضل، التراث الثقافي الذي أورثك إياه أجدادك! * سفير فرنسا لدى المملكة