هناك نصوص شعرية عصية على النسيان تبقى في تجاويف الذاكرة مدى الحياة وأزعم أن مرد ذلك هو أن هذه النصوص قوامها الصدق واللغة العالية والخيال الخصب سكنت الذاكرة لتبقى فيها، وقد أراد الناقد العراقي الدكتور حاتم الصكر أن يصدر كتاباً نقدياً عما علق في ذاكرته من قصائد شعراء هذا العصر وأودعها كتاب (قصائد في الذاكرة.. قراءات استعادية لنصوص شعرية) الصادر عن دار الصدى ضمن سلسلة كتاب مجلة دبي الثقافية. يقول الشاعر الأستاذ سيف المري في مقدمته للكتاب: (قد وفق الدكتور الصكر في ما اختاره لنا وأعاد قراءته على مكث ليبينه ومن يتجول بذائقته في هذا الكتاب يكشف ويرتشف جديداً من المبنى لمن لهم في السبك قوة وحول). في حين يوضح الناقد الصكر اختياره لهذه النصوص في معرض حديث مقدمته فيقول: (ولكنني تركت ذاكرتي تعمل في اختبار تقبل حر واختيار لا دور للتقييم الفني فيه، لأن دوي تلك القصائد أصلاً لم يحتكم إلى أبنيتها قدر الاحتكام إلى السياقات الحافة بها والحالات التي كتبت فيها والتلقي الجمعي لها). ذاكرة الصكر درست في هذا الكتاب أهم عيون القصائد الحديثة والتي منها: قصيدة "خبز وحشيش وقمر" لنزار قباني، و"أنشودة المطر" لشاكر السياب، و"هذا هو اسمي" لأدونيس، و"إرادة الحياة" للشابي و"الكوليرا" لنازك الملائكة، و"إلى أمي" لمحمود درويش، و"لا تصالح" لأمل دنقل، و"التويمة" للجواهري، و"لابد من صنعاء" للمقالح، و"في حضرة العيد" للبردوني، و"مأساة الحلاج" لعبدالصبور، و"صور" لعباس بيضون، و"حانة الكلب" لسركون بولص، و"حارس الفنار" لمحمود البريكان. لقد استكنه الناقد الصكر كثيراً من ملامح هذه القصائد وتعملق في أبياتها وتجلى في تقديم ظواهر فنية جديدة تفنن في رسمها هؤلاء الشعراء بكل براعة.