استكمالا لما سبق نشرة في الأسبوع الماضي حول أهمية بيئة الإصلاح (المحيط التفاعلي للسجون ودور الإيقاف ودور الأحداث ودور الفتيات) في حياة الأفراد وما تحدثه من أثر في سلوكهم وتشكيل اتجاهاتهم، نستعرض هذا الأسبوع جوانب من استراتيجية مؤسسات الإصلاح وأدوارها لمواجهة ظاهرة المخدرات: وما يعول على الجهات المعنية التي تتبعها هذه الإصلاحيات لتطوير إجراءات وتطبيق سياسات وإتباع منهجيات فعلية لمواجهة ومراقبة سلوكيات التعاطي، لتكون داعمة لمواجهة ظاهرة المخدرات ومساهمة مع المجتمع في محاربتها ومنع انتشارها بين الموقوفين بسبب قضايا تعاطي المخدرات. * سياسات متكاملة متخصصة لكي تبني مؤسسات الإصلاح إستراتيجية لمنع انتشار المخدرات في بيئة الإصلاح ولكي تتمكن من حماية المجتمع من المخدرات عبر برامج الإصلاح، يتطلب منها الأمر وضع سياسات متكاملة متخصصة في هذا المجال. على أن تتسم هذه السياسات بسعيها إلى تحقيق المسائل التالية: نشر التثقيف الصحي بأضرار المخدرات بين الموقوفين عبر برامج التثقيف الرسمي المنتظم الإلزامي، ووضع أنظمة ولوائح وعقوبات لمكافحة المخدرات على مستوى بيئات الإصلاح بين الموقوفين، كذلك بناء سياسات إرشاد واحتواء وعلاج تتضمن مساعدة الموقوفين وأسرهم على تخطي خطر الاستمرار في التعاطي، ووضع أنظمة لإجراءات الصحة والسلامة التابعة لمؤسسة الإصلاح لمساعدة مرضى الإدمان على العلاج، سواء عبر المصحات التابعة للمؤسسة الإصلاحية أو عبر الاستعانة بمراكز العلاج المتخصصة التي يوفرها المجتمع، وبناء برامج لتعديل السلوك وتصحيح الاتجاهات لتنمية مهارات التعامل مع الحياة ورفع معدلات الاتجاه الإيجابي نحوها، وتوفير فحوصات دورية للكشف عن تعاطي المخدرات خلال مرحلة الدخول للسجن، وتوفير برامج تأهيلية ومهنية ورياضية ونفسية عالية الجودة، إضافة لتنمية الوعي الذاتي للمدراء والمرشدين والعاملين في مؤسسات الإصلاح لاحتواء سلوك الموقوفين ومراقبة تطورات الظاهرة والسلوكيات والعلامات المصاحبة للتعاطي، وتعريف منسوبي دور الإصلاح بالأنظمة والحقوق والواجبات والإجراءات والبرامج والسياسات للتعامل مع مشكلة المخدرات. مناشط رياضية للنزلاء * فوائد تفعيل دور مؤسسات الإصلاح لمواجهة الظاهرة من النتائج المتوقع أن تحققها عملية تطبيق إستراتجية وسياسات مواجهة ظاهرة المخدرات عبر مؤسسات الإصلاح ما يلي: جعل بيئات الإصلاح خالية من تعاطي وتداول المخدرات، وجعل بيئات الإصلاح ذات ثقافة مضادة للتعاطي، وبناء جهود ذاتية من قبل بيئات الإصلاح المختلفة لوضع سياسات عمل وتعليم وضبط وإرشاد وتوجيه وتدريب واحتواء ومعالجة داخلية لمواجهة ظاهرة التعاطي في ضوء خصائص المشكلة التي تحيط ببيئة الإصلاح. وأن يصبح الجيل المتخرج من دور الإصلاح عبر عمليات تعلم وبرامج احتواء وإرشاد ومعالجة وتأهيل أكثر حماية لذاته أكثر تجنبا ًللسلوكيات المنحرفة وخاصة سلوكيات التعاطي والجريمة، كما أنها ستكون فاعلة في توجيهه لأسرته وأصدقائه وجيرانه. وأن يصبح النزلاء أكثر إدراكا ووعيا بالطرائق الملائمة لتربية أبنائهم مستقبلا لحمايتهم من السلوكيات الخطرة وخاصة تعاطي المخدرات والجريمة. * أهمية تكامل الأدوار على المخططين في الجهات المعنية والمسئولة عن الإصلاح وبرامجه المختلفة، أن يولوا اهتماماً بتكامل الأدوار وتبنيها في شكل منتظم حسب الأولويات، ليتم ضمان عمل كل الأدوار بصفة تكاملية تعزز بعضها البعض وتؤدي الوظيفية النهائية لها والماثل في القدرة على خفض مستويات تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية في صفوف الموقوفين في قضايا المخدرات في مؤسسات الإصلاح، وتعلمهم الطرائق المثلى لحماية أنفسهم وذويهم من تعاطي المخدرات بعد أنتهاء فترة عقوبة السجن ومن خطر مواصلة تعاطيها بعد خروجهم كما تعلمهم أساليب لمساعدة الآخرين على التوقف عن تعاطي المؤثرات العقلية. ألعاب ترفيهية للنزلاء * تفعيل دور مؤسسات الإصلاح لمواجهة الظاهرة في ظل ما هو معمول به عالميا من قبل المؤسسات الإصلاحية ومؤسسات تعديل سلوك المراهقين، كمنهجية عالمية لمواجهة ظاهرة المخدرات في بيئات الإصلاح وبيئات تعديل السلوك المنحرف، وفي ظل ما ينبغي على الجهات القائمة على مؤسسات الإصلاح من تبني لمسؤوليات رقابية وحماية وتوعية ورعاية صحية للموقوفين، وفي سياق متطلبات مواجهة المخدرات ومواجهة الظواهر السلبية، وفي ظل ما تمليه الحاجة والمنطق والتأييد العلمي ونتائج استطلاع الخبراء، ينبغي على مؤسسات الإصلاح: بناء سياسات داخل المؤسسة الإصلاحية ومؤسسة تعديل السلوكيات الجانحة، لمواجهة ظاهرة المخدرات وتعاطي المؤثرات العقلية، لمنع انتشارها بين النزلاء، وذلك وفقا للمواصفات التي تبينها إستراتيجية مواجهة ظاهرة المخدرات عبر مؤسسات الإصلاح. على أن يتم بناء السياسات التنفيذية لكل مؤسسة إصلاح ولكل بيئة إصلاحية تفاعلية وفق خطة محكمة معتمدة على الأسلوب العملي، ومتوافقة مع المعايير المفترضة لمواجهة ظاهرة المخدرات. وذلك من أجل رسم السياسات وتعميم والبرامج بطرائق فاعلة، تعالج كل الجوانب المحتملة لحدوث مشكلة التعاطي وانتشارها في صفوف النزلاء. * غايات الإستراتيجية في دور الإصلاح أن تتبنى مؤسسات الإصلاح المختلفة سياسات داخلية لمواجهة ظاهرة المخدرات وفق أصول المواجهة المفترضة للمشكلة في مؤسسات الإصلاح، في شكل نظم ولوائح. مرتبطة بلوائح وأنظمة الوزارة أو الجهة التابع لها بيئة الإصلاح. ويكون هدفها وغايتها النهائية السعي لمعالجة مشكلة المخدرات ومواجهتها وتعديل سلوك التعاطي، وتكون هذه السياسات وما يتعلق بها من لوائح وأنظمة وإجراءات معلنة لجميع النزلاء وكذلك لدى أسر النزلاء، وتكون هذه السياسات منبثقة من سياسات الوزارة أو الجهة القائمة على الإصلاح، على أن تلتزم مؤسسات الإصلاح والجهات القائمة عليها بتطبيقها وهي. أن يتم رسم هذه السياسات في ضوء خصائص المشكلة الشائعة في بيئة الإصلاح، بحيث تعالج مصادر تكوين المشكلة وفق معايير المعالجة الأفضل لضمان مخرجات مستقبلية فاعلة في المجتمع، وأن تنظر مؤسسات الإصلاح إلى سياسات معالجة ظاهرة المخدرات في بيئة الإصلاح، كجهد ذاتي نابع من داخل كل بيئة إصلاح من منطلق مسؤوليتها تجاه تعديل السلوك وتنمية الاتجاهات ورفع المهارات وإعادة دمج الفرد في المجتمع. أن تراعي هذه السياسات أن الاحتواء المبكر ومعالجة المشكلة في بدايتها (وخاصة لدى الموقوفين الأحداث والموقوفين لأول مرة) يقي المجتمع من مشاكل الجريمة والانحراف والإدمان وأن تراعي هذه السياسات أن مريض الإدمان هو شخص بحاجة للمساعدة الطبية وينبغي مساعدته في العلاج، والدفع به إلى قبول مرحلة العلاج,وأن تتبني مؤسسات الإصلاح مواقف ذاتية لحماية النزلاء الجدد غير الموقوفين في قضايا التعاطي من خطر تعاطي المؤثرات العقلية ومن خطر اكتساب اتجاهات منحرفة وسلوكيات خاطئة، من خلال العمل على تزويد النزلاء بالمواد المنهجية والمعلومات والمهارات التي تساعدهم في رفض المخدرات وفي حماية أسرهم وأصدقائهم من التعاطي. ومن منطلق مؤسسات الإصلاح أن تستهدف إصلاح السلوك وتعديل الاتجاهات ومعالجة القناعات والمشاكل المصاحبة كمشكلة التعاطي والجريمة لدى النزلاء، ولها أدوار تربوية وتعليمية وتثقيفية وعلاجية وتأهيلية تتشكل في إطاره وعي واتجاه وسلوك النزلاء. والعمل على تطوير هذه السياسات من قبل بيئات الإصلاح وبإشراف من قبل الجهات القائمة عليها، بشكل سنوي وفق منهجية تطبيق نموذجية، تعتمد على قياس فاعلية السياسات خلال العام المنصرم لمعرفة تحقيقها لأهدافها، وتقيم مدى انسجامها مع التوجه العام للمجتمع. وإلى اللقاء في الاسبوع القادم والحديث عن المحاور وسياسات مواجهة ظاهرة المخدرات في بيئات الإصلاح.