ليست هذه المرة الأولى التي نشكو فيها تذبذب توقعات الارصاد الجوية في المملكة، ونجد اننا نهرول وراء كل توقع يتعلق بالأمطار وفي كل موسم، رغم اجتهادها وتميزها أحيانا، ولن تكون الأخيرة بالطبع. غير ان هموم الناس وخوفها من تكرار مآسي السيول في جدة يتقاطع بشدة مع بحثهم وشوقهم إلى نزول الغيث. وتاريخ بداوتنا مليء بجغرافيا الترحال، وربما جيناتنا أيضا بحثا عن المطر، كما ان في ذاكرة المدن في الحجاز تهنئة جميلة يتبادلها الناس حينما يأتي بتعبير " أنسكم المطر"، لذا فهو سيرة ستظل هامة ومؤثرة لاشك، مهما كانت اتجاه ونوعية مواسمه. واليوم صباحا بعد ان فتحت ستارة النافذة على عجل علني ألمح نضارة ولمعان المباني من حولي وربما بقايا غيوم متناثرة ' لم أعثر على أي من هذا المشهد. فدهشت. كل هذه الضجة الإعلامية والوصايا ورسائل التنبيه ولا شوية سحب حتي في الأجواء؟ سماء صافية وجو مشمس بجدارة لا ينافسها لا غيم ولا رياح. منتهى النهار الصيفي. حقيقة لم نعتاد على كل هذا التناقض في توقعات الطقس. وبالأمس كنا كبقية البيوت نشرف على تحضيرات ما قبل المطر بدءا من سد منافذ دخول المياه.. إلى تنظيف الأسطح لئلا تعيق أوراق الشجر المتراكمة عند الفتحات من انسياب حركة مياه الأمطار فتسبب أضرارا نحن في غنى عنها. إلى التأكد بأن البيت لا يحتاج إلى أي من الضروريات التي تستدعي المشاوير. كل هذا بإيعاز من تجربة إغراق قريب صحيح لم تصل لكل الأحياء في المدينة، غير اننا كبشر نتأثر مما نرى ونسمع عما يحدث من حولنا. وعندما جاء التحذير ولم تمطر عملت بنصيحة قريبتي وذهبت فورا لموقع البي البي سي وسألت عن طقس جدة. قال الموقع بثقة هناك توقع بأمطار غزيرة فجر الثلاثاء مصحوبة بعواصف رعدية! فكرت.. هذا الكلام. ثم جاء الثلاثاء ولم يحدث شيء. اليوم الاريعاء بعد لا شيء. تذكرت انتقاد الناس في بريطانيا من عدم دقة توقعات الطقس من قبل هيئة الارصاد لديهم التي تضم 1800 موظف بالمناسبة، لدرجة أن البي بي سي تفكر بالاستغناء عنها رغم انها تقدم توقعات الطقس منذ تسعين عاما. والسبب هو حالة تناقض تام في حالتين على الأقل، في تنبؤ الهيئة أولا بشتاء خفيف البرودة وجاء باردا بقسوة لم تحدث منذ ثلاثين عاما، والحالة الثانية هو ما أسمته صيف الباربكيو إشارة إلى ندرة المطر فيه، إلا أن العكس حدث تماما. إذاً نحن لسنا الوحيدين ويجب حقيقة ان تعتاد إما على مفاجآت الطقس، أو على حدسنا الخاص وبحلقتنا اليومية في السماء لنرى إن كان هناك أي تشكيلات من السحب التي قد تهطل منها أمطار كما جاء في توقع الارصاد ونشر اليوم في صحيفة عكاظ ولم تمطر، أو نبقى محتارين ومستعدين في نفس الوقت. والخيار الثالث بالطبع هو المداومة على زيارة المرصد الياباني الذي قالت الصحيفة ان عدد زواره بلغ ما يقارب الثلاثة ملايين.