الإدارة كما هو معلوم جزء لا يتجزأ من أي قطاع اقتصادي، وأهميته لا تحتاج إلى توضيح، بل كما هو معلوم في علم الاقتصاد، فإن الاقتصاد أساساً لا يقوم إلا على عدة أركان هامة، وهي: الأرض، الموارد، القوى البشرية، التمويل، وأخيراً وليس آخراً الإدارة. وهناك تجارب لتعثر اقتصاديات على مستوى الدول استطاعت توفير واستغلال كل تلك الأسس لقيام اقتصاد ناجح ولكنها فشلت بسبب إهمال الركن الهام المتعلّق بالإدارة الجيدة. والإدارة الجيدة هي القدرة على استغلال كافة الموارد المتاحة بأفضل طريقة ممكنة لتحقيق الأهداف الموضوعة. وأشاطر الكثير من الخبراء الإداريين بأن أحد أهم الموارد المتاحة هي الأفراد الأكفاء. وتذهب بعض الشركات العالمية الكبرى من تجاربنا تأكيدهم على اعتبار كفاءات بعض المنشآت مورد وشرط هام في استمرارية التعاون وخاصة في الإدارات العليا. كما وأن الدراسات أثبتت تأثر أسهم العديد من الشركات نتيجة فقد إدارتها العليا خاصة إذا ما تمت بطريقة غير سليمة مهنياً! وللحق فإن القطاع الزراعي ومن خلال تطوره في تخصصه خلال العقود الماضية قد تطور بشكل كبير أيضاً في تهيئة الكثير من الخبرات والقيادات الإدارية على حد سواء، والتي استطاعت فعلاً قيادة العديد من المنشآت الزراعية والخدمية بشكل لافت وتطوير المنشآت وإعادة هيكلتها حسب مقتضى الظروف ومواكبة كل التغييرات والتحولات في هذا القطاع الحساس والحيوي الذي بات أحد الركائز الرئيسية لمجمل الاقتصاد الوطني. مؤخرا تابع الكثير في القطاع تجربة إدارية متميزة لإحدى الشركات الزراعية المعروفة، فهذه الشركة ومن خلال إدارتها التي أكملت بضع سنوات لا تتجاوز السبع نجحت في إعادة هيكلة هذه الشركة (التي لم تكن تحظى بالسمعة المرضية سابقاً كما هو معلوم) واستطاعت من خلال استراتيجية واضحة ورؤية صائبة أن تعيد تنظيم نفسها وتنطلق بشكل فعّال لتحقق إنجازات اقتصادية ممتازة وتتخلص من الخسائر المالية المتراكمة إلى آفاق الربحية والسمعة اللائقة بشركة في تاريخها ونشاطها وهو ما لمسناه ليس فقط العاملين في هذا القطاع، بل كل المستهلكين والمتعاملين مع هذه الشركة خلال السنوات الماضية. وزيارة واحدة لأحد المعارض الحديثة للشركة كفيل وغني عن أي شرح لما أعنيه.