قلة قليلة من تصنع التاريخ لأمتها وتبني الأمجاد وقليل من يحفر اسمه في عقل ونبض قلوب شعبه حتى غدا كشمس تشرق كل صباح ونجماً يضيء كل مساء . سلطان بن عبد العزيز كان ذلك الرجل . . . امتدادا لأبيه طيب الله ثراه الذي أرخ عنه المؤرخون وكتب وتحدث عنه المثقفون والقادة وجميع أفراد المجتمع , سلطان رجل الوطن والشعب رجل الإرادة والحكمة رجل الخير والسلام, نهر متدفق من العطاء والإحسان والمكرمات، أياديه البيضاء في كل زاوية من زوايا الوطن وخارج الوطن, نشأ على المروءة ورشف من معين الأصالة والرجولة من ابيه عبد العزيز طيب الله ثراه ومن إخوته الملوك رجالات الدولة فروى ساحة بلاده حباً ووفاء وإخلاصاً ونبلاً فما تراه إلا مبتسماً ولا تعرفه إلا ودوداً متواضعاً . مهما كتبنا فإن القلم ليعجز عن تعداد مكارمه وسرد صفاته . لقد استغرقت وقتاً طويلاً وأنا أتأمل واستلهم القصص الكثيرة التي رواها محبوه وعارفوه عن مختلف سجاياه فغصت في بحر خضم من الصفحات والروايات التي لا تتسع لها مجلدات , فاحترت ماذا أروي وماذا أكتب , مئات من الذين طلبوا الشفاعة لدى سموه عن طريقنا لمعرفتهم بحبنا له وتقديره لنا فما رد لنا يوماً كتاباً واحداً أو شفاعة واحدة بل كان رقم فاكس مكتبه مفتوحاً متاحاً ليل نهار وقليل من القادة من يتيح رقم فاكسه الخاص للجميع . إن ممات سموه لخطب عظيم ومصاب جلل وحدث محزن أليم أبكى العيون وأدمى القلوب , قائد من أعظم قادة البلاد أسهم في تقدمها ورفعتها وبنائها , كان داعية للخير وتأصيل منهج الحق والمعتقد السليم , لقد فقدت الأمة الإسلامية والعربية والوطن الغالي أحد أبرز القادة الأفذاذ الذين جندوا أنفسهم وكرسوا حياتهم لخدمة دينهم ووطنهم . ومما خفف من مصابنا ما رأيناه من تلاحم هذا الشعب مع قادته وتلك الدرجة العالية من الوعي في فهم الرسالة التي أرساها الفقيد بأن عمل الخير ليس له حدود , وما رأيناه في سداد قرارات قادتنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك الباني عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله باختيار وتعيين سمو الأمير نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء إضافة إلى مهامه في وزارة الداخلية التي يتولاها بكل اقتدار. سيظل الأمير سلطان ماثلاً أمامنا بإنجازاته وقيمه ومثله النبيلة لنستمد منه روح الإصرار والمثابرة لتحقيق الغد المشرق لوطننا بقيادة خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وسيكون سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وفقه الله خير خلف لخير سلف . سائلين الله تعالى أن يتغمد فقيد الأمة بواسع رحمته وعظيم مغفرته وأن يوفق قادتنا لكل خير .