رسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مساء (الثلاثاء) المهيب صورة لايمكن ان تغادر الذاكرة، صورة تجلت فيها جميع معاني الشموخ واصوله والحزن وتداعياته، صورة باكية مبكية، باكية لأنها التقطت فقط الامة الكبيرة، ومبكية لأن القائد الفذ اظهر فيها وفاءه لاخيه، برزت من خلالها صور عديدة عنونت ذاتها بكل عفوية بالرحمة والاخوة ومكارم الاخلاق والكبرياء، والحزن، والتسليم بقضاء والله وقدره ، صورة احزنت الكل وابكت الصغير والكبير وتفاعل معها القاصي والداني، تدفقت معها مشاعر الوفاء من الرجل الوفي دائما خادم الحرمين الى اخيه (سلطان الوفاء) و(سلطان العروبة) و(سلطان البسمة والابتسامة) ممزوجة بالايمان بقضاء الله ودموع الالم على رحيله. لقد شكلت صورة الملك واقفا بشموخه وصامتا بهيبته وعملاقا بتواضعه وبارزا بعفويته ومهيبا بنظرته ابعادا كبيرة ومهمة يستنتج منها الانسان العديد من الدروس والعبر،والقيم الانسانية التي لاتتغلغل وتظل باقية في اعماق شخص الا بحجم عبدالله بن عبدالعزيز وهو يلقي النظرة الاخيرة على اخيه، صورة لم تصنعها العدسة وكاميرات المخرجين، انما صنعت ذاتها بكل تلقائية لتتجلى فيها معان عدة وقيم راسخة ستظل تختزلها ذاكرة المجتمع مدى الحياة، تغلب القائد الكبير على آلامه واحزانه وفراق اخيه الوفي، فحضر الى مطار قاعدة الرياض الجوية حبا ووفاء وتقديرا لمكانة (امير التيامى والفقراء) فحضرت معه جميع افئدة وطنه ومواطنيه الى هناك. موقف مؤثر لايمكن وصفه وشرحه وتجزئته مهما حضرت البلاغة ، موقف لايمكن ان يصنعه الا شخصية عالمية بحجم عبدالله بن عبدالعزيز، وموقف لايمكن ان يتكرر الا عندما يكون المتوفى رجل بقيمة وهامة سلطان بن عبدالعزيز (سلطان العطاء والسخاء)، كان القائد الكبير عبدالله واقفا وهامه تعلو على كل الهامات بمكانته وتأثره وتأثيره، وكان سلطان هو الاخر حتى وهو جثمان يحمل على الأكتاف مهيبا ويصنع الهيبة بكبريائه وشموخه وتاريخه وانجازاته مجرد النظر اليه، وكأنه حيا يمد يد العطف والكرم للجميع، موقف شامخ كشموخ الملك الانسان عبدالله بن عبدالعزيز، وموقف مؤثر كتأثير الراحل الكبير سلطان ومكانته التي صنعها بتواضعه واخلاقه وكرمه وحبه للخير وتعلقه بالاعمال التي ترسم السعادة وتدخل البهجة على الناس جميعا. انحنى والد الجميع في مطار القاعدة الجوية تجاه جنازة اخيه الوفي كأنه يخاطب اخاه بكل تواضع فانحنت معه رقاب الجميع في ساحة المطار وعبر التلفزة، لماذا لاتنحني والحاضر هو خادم الحرمين الشريفين في حضرة جنازة رجل الدولة وأمير الوفاء سلطان، من شاهد تلك الصورة المؤثرة لايعلم هل يقرأ ابعاد الصورة ومضامينها المتعددة والمتنوعة، ام يتذكر مآثر الفقيد والعبارات التي يسطرها الكبير والصغير وتجاه الدموع التي تنساب من المآقي بصورة عفوية وحزن يتغلغل في الاعماق، بالفعل هي صورة وفاء وصورة يبرز من خلالها الوفاء والهيبة في آن واحد، ولا غرابة في ذلك فالراحل هو سلطان بن عبدالعزيز فرحمه الله رحمة واسعة والبس قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين ثوب الصحة الدائمة.