طوى الموت في الخامس من شهر رمضان المنصرم صفحة الشاعر سعد بن جفين الدغيبلي العتيبي بعد معاناة طويلة مع الأمراض والآلام التي انهكت جسده النحيل، فعاش حياة بائسة ومضطربة حتى فاضت روحه في الشهر الكريم. لقد رحل – رحمه الله – في صمت ودون جلبة ولم يشعر برحيله أحد من أصدقائه في الساحة الشعبية، فلم ترثه صحيفة ولا مجلة! والشاعر ابن جفين ولد في عام 1365ه تقريباً، والتحق بعد أن نال الكفاءة المتوسطة بالكلية العسكرية، وكانت مدة الدراسة آنذاك أربع سنوات يتخرج بعدها الطالب برتبة ملازم، وقد تخرج الفقيد عام 1390ه تقريباً. بعد تخرجه في الكلية تولى بعض المناصب العسكرية في بعض مدن المنطقة الشرقية، واستقر لفترة في (الثقبة) ثم تدرج في المراتب حتى وصل إلى رتبة نقيب، وفي عام 1397ه تقريباً تعرض لحادث سير وهو على رأس العمل يقود سيارته فأحيل على التقاعد. وابن جفين شاعر رقيق، جزل الألفاظ، وهو قصير النفس في أغلب قصائده، ويميل إلى شعر الغزل أكثر من أي فن آخر. وقد قرأ منذ طفولته لعدد من مشاهير شعراء النبط من أمثال: ابن لعبون، وابن سبيل، والعوني، وحميدان الشويعر، ومحسن الهزاني، والقاضي، وغيرهم، كما كان معجباً بعدد من شعراء الفصحى من أمثال: الشاعر القروي، وبدوي الجبل، والأخطل الصغير، وحسين سرحان، ومحمد حسن فقي. ولطالما سمعته يردد هذا البيت من قصيدة بعنوان: «عجبي من أمة» للشاعر الأستاذ عبدالله بن خميس رحمه الله. لستُ من (بكين) أستوحي الهدى إنما أبغي الهدى من (يثرب) وهذا البيت من قصيدة ألقاها الأستاذ ابن خميس في حفل تخريج ضباط الكلية الحربية بالرياض عام 1388ه. وقد نشر ابن جفين عدداً من قصائده الغزلية والوطنية والرياضية في بعض الصحف والمجلات التي تُعنى بالشعر الشعبي كاليمامة، والحرس الوطني، والشرق، والمسائية، والمجالس، (والنهضة) في الصفحات التي كان يعدها الشاعر مسّلم البحيري. وكانت تربطه علاقات جيدة ببعض الشعراء نذكر منهم: الأمير بدر بن عبدالمحسن، وعبدالرحمن العطاوي، وعبدالله بن نايف بن عون، وخلف بن هذال، وراشد بن جعيثن، ومعيض البخيتان، وعبدالله السمّيح، وخالد السياري – رحمه الله – معد صفته «تراثنا»بجريدة «المسائية» المحتجبة. وصلتي بابن جفين صلة قديمة بدأت منذ عام 1411ه إبان أزمة الخليج، ثم أخذت تنمو مع مرور الأيام حتى وصلت إلى مرحلة الصداقة، وكنت بدافع من الحب والصداقة اختلف إليه بين فترة وأخرى، وكان في بعض الأحايين يدعوني إلى زيارته في منزله فيسمعني آخر قصائده ويروي لي بعض محفوظاته وما أكثرها، وكانت أمنيته – رحمه الله – أن يصدر ديواناً يضم شتيت قصائده المبعثرة في الصحف والمجلات، ولكنه رحل قبل أن تتحقق تلك الأمنية الغالية.رحمه الله رحمة الأبرار وغفر لنا وله. سعد بن عايض الدغيلبي- الرياض