التوسع المطرد للمدن الكبرى في المملكة كالرياض وجدة والدمام في مختلف أنشطتها الوظيفية والعمرانية أدى إلى توجه الهجرة السكانية نحوها مما ولد ضغطاً سكانياً كبيراً فيها، أثر بشكل سلبي على جودة وكفاءة تقديم الخدمات العامة والبنى الأساسية فيها على الرغم مما تشهده تلك المدن من حركة عالية في أعمال تطوير الخدمات والبنى التحتية إلا أن الضغط السكاني المتزايد يفوق ماقُدّم ومايقدم من جهود جيدة في هذا الجانب، بل إن استمرار هذا الضغط السكاني لن يمكن المدن الكبرى بما فيها من أنشطة خدمية ووظيفية من الإيفاء بمتطلبات سكانها الحاليين والأجيال اللاحقة في المستقبل القريب، وفي الحقيقة أصبحت الآثار السلبية لاستمرار الهجرة السكانية للمدن الكبرى تفوق الايجابيات، فارتفاع أسعار المساكن والخدمات والسلع، وكذلك ارتفاع معدلات البطالة والمشاكل الاجتماعية والأمنية ومشاكل الازدحام والنقل هو من نتاج تلك الزيادة الكبيرة في أعداد السكان وتكدسها في بعض المدن. إن الوضع الراهن يستوجب التحرك بفاعلية لإيقاف النمو السكاني في المدن الكبرى من خلال توجيه التنمية نحو المدن المتوسطة والصغرى في المملكة، وإيقاف ضخ المشاريع الكبيرة في المدن الكبرى، وكذلك البدء في تنفيذ الحلول غير المفعّلة التي أعدتها بعض الجهات الحكومية كالإستراتيجية العمرانية الوطنية التي أُعدت من قبل وزارة الشئون البلدية والقروية في عام 1421ه، وأكدت ضمن أهدافها على «توجيه وتدعيم التنمية في المجالات العمرانية والاجتماعية والاقتصادية للمدن المتوسطة والصغيرة»، وكذلك المخططات الإقليمية التي أعدتها بعض أمانات المناطق، ولم يكن لها أثر واضح في معالجة قضية تزايد الضغط السكاني على المدن الكبرى. *متخصص في التخطيط العمراني