الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله جاءت العقوبات وزجر غيره من الوقوع في جنس ما ارتكبه في الشريعة الإسلامية تأديبا للجاني على قسمين: حدود لا يجوز بحال الاستعاضة عنها إذا قام موجبها وانتفى مانعها، وتعزيرات وهي مجال بحثنا. وإذا تقرر أن الشريعة جعلت الباب مفتوحا لسن ما يكون مؤدبا للجاني ورادعا لغيره حال ارتكاب ما يسيء الى نظام المجتمع الخلقي فإنه بغير هذا الهدف تفقد العقوبة غايتها من التقويم والإصلاح، وتكلف المؤسسات العقابية مبالغ طائلة جراء الإنفاق على المحبوس لحق المجتمع، دون أن يكون هناك مردود مباشر من وراء تكرر دخوله تلك المؤسسة، ومن هذا المنطلق سعت السياسة الجنائية الحديثة إلى البحث في آليات تمكن العقوبة من تحقيق هذا الغرض بحسبانه الغرض الأسمى لها، فتمخضت عن أساليب متعددة في المعاملة العقابية تنهض بشكل أساسي على منح المحكوم عليه فرصا للتوبة وإصلاح النفس، فوضعت العديد من أساليب المعاملة العقابية داخل السجون بحيث تراعي ظروف المتهم واحتياجاته، وقننت ما يسمى بأنظمة وقف التنفيذ إذا رأى القاضي ابتداء أن المتهم وظروفه وظروف دعواه لن يجدي معها تنفيذه للعقوبة، وأن وقف تنفيذها سيكون له الأثر الأكبر في إصلاحه وتأهيله وهو ما تنص عليه المادة الثامنة عشرة بعد المائتين من نظام الإجراءات الجزائية. إذا ثبت ذلك فإن من العقوبات ما يمكن أن يؤدي وظيفتي الزجر والردع ويكون له أثره في محاربة الجريمة دون أن يؤدي إلى تعطيل مجهود المحكوم عليه ويحول دون قيامه بعمله اليومي أو فقد أسرته لعائلها، كاستغلال نشاطه في مجالات معينة باستبدال العقوبات المقضي بها بعمل ما لصالح الدولة أو إحدى جهاتها. إن هذا التوجه سيفتح للجاني الأمل في فرصة إصلاح نفسه، وذلك أفضل من قبوعه بين جنبات مؤسسة عقابية لا تتيح له سوى الاختلاط بمن سيكسبه ألوانا جديدة من المهارات الإجرامية، وإن تفعيل العقوبات البديلة سيخفف العبء على الجميع من الجاني والدولة والمؤسسة القضائية والمؤسسة العقابية. وبقي أن نتساءل ما هي الآلية والطرق التي سنسلكها في تفعيل هذا النوع من العقاب وطرق تنفيذه وهذا ما ستتناوله محاور الملتقى وصلى الله على نبينا محمد. * وكيل وزارة العدل المساعد للإسناد القضائي المكلف