يعيش الإنسان سنيناً معدودة في هذه الحياة , ويؤدي فيها دوره بصورة مرضية أو بصورة بائسة . وتعود قدرة الإنسان على مزاولة دوره بشكل إيجابي أو سلبي إلى عوامل كثيرة , لعل أهمها ما حباه الله من ذكاء ومواهب وقدرات وراثية او بيئية . والواقع أن كل إنسان مسير وموجه لما خلق له , وان من يضع نفسه في غير مكانها لا بد من أن يفشل , وأن من يريد أن يكون إنساناً عظيماً لا بد أن يستثمر جميع مواهبه المتاحة فيما يعود بالمنفعة على ذاته وعلى مجتمعه. فإذا كان الإنسان بارعاً في حرفة معينة مثل حرفة النجارة او الزراعة أو الهندسة فهو أعظم وأبعد أثرا من إداري أو سياسي فاشل . ورجل الأعمال او التاجر الناجح أقوى تأثيراً من الموظف الكبير الذي لا يحسن من الإدارة كثيراً بل انه ترقى بواسطة الدفع من الإدارة أو نتيجة للترقية عن طريق الأقدمية. ولكي تستثمر مواهبك ياعزيزي القارئ فإنه من المستحسن أن تعيش على قمة الحياة , فالنجاح دائماً غاية الإنسان الذكي المدرك لمصلحته , أما النجاح الموقت والسريع فهو نصيب الكسالى المغامرين بدون هدف واضح. وعلى هذا فإن الناس يمكن تقسيمهم عموماً إلى قسمين , قسم يريد أن يكون شيئاً في هذه الحياة , وأن يكون دائماً في مقدمة الناس بين زملائه , وقسم آخر يريد أن يحيا حياة الدعة والهدوء , لا يعكر صفوه أحد , ولا يقوم بعمل مفيد لنفسه وللمجتمع. والواقع أن استثمار مواهبك يتطلب المزيد من العمل والتضحية من أجل الوصول إلى ما تتمناه. إن اعتراف الناس لشخص ما بالتفوق أو القيادة يدل على أن هذا الشخص يمتلك مواهب معينة ومتميزة مثل أن يكون متحدثاً لبقاً أو خطيباً بارعاً أو محاضراً متمكناً , وأن يكون صادق الوعد , جريئاً مخلصا , كريماً وحسن المعشر , يسعى دائماً لمصلحة أمته أو جماعته. وليس من المهم أن يكون الإنسان غنياً ليصبح زعيماً أو شخصاً مشهوراً فالكثير من الزعماء والمشهورين كانوا من الفقراء . فالناس يتعلقون بالشخص المشهور او القائد لأنه يستطيع أي يحل مشكلاتهم وخلافاتهم , أو يكون أميناً على أسرارهم وأموالهم , ويحفظها لهم ويستثمرها من أجلهم. والشهرة والقيادة ذات أشكال وانماط متعددة , ولعل أشهرها قيادة الشعوب والامم. ولكن القائد المشهور في نظري هو من يستطيع أن يكسب قلوب الناس ويمتلك عقولهم ويدفعهم دائماً إلى الإخلاص في العمل والتفكير في المستقبل , وأن يكون مخلصا في إسداء النصح واميناً على أسرارهم وأموالهم , وان يكون شديد الثقة بنفسه , وان يتعامل مع الناس بتواضع , ويعيش من اجلهم وأن يكون مخلصاً ليكون تأثيره قوياً على الآخرين. إن استثمار مواهبك بطريقة عملية هو الطريق إلى كسب قلوب الناس وامتلاك حب الآخرين , وإنه لرائع أن تكون محبوباً ولكن الأروع منه أن تحب الناس وتبادلهم الود والإخلاص بدون نفاق أو تزلف.