على الرغم من اختلاف العقائد لدى البشر إلا أن هنالك قواسم مشتركة بينها، وتحديداً بين الديانات السماوية الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية, وقد ذكر القرآن الكريم هذه القواسم المشتركة في عدة مبادئ أهمها: الايمان بالله والإيمان بالآخرة والعمل الصالح، فالاعتراف بوجود (الله) جل جلاله والإيمان به هو أساسها فجميعها تعبد الله وتقر بوجوده، وقد جاء ذلك في أبلغ بيان في قوله تعالى: ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة/62. هذه القواسم المشتركة تعد محل اتفاق بين الديانات السماوية رغم اختلاف العقائد، بالرغم من أن ذلك يشكل واقعاً مختلفاً لدينا نحن كمسلمين نحو نظرتنا لمعتقدهم لاسيما وأن الديانتين المسيحية واليهودية وهم أهل كتاب قد تم تحريفهما, كما أننا أيضاً نتفق نحن المسلمين على كفرهم بالله لأسباب عدة لا يسعني ذكرها في هذا المقال... ما شدني للحديث عن هذا الموضوع هو ما تناقلته بعض وسائل الإعلام مؤخراً عن قيام شركة اسرائيلية بإنتاج ورق تواليت - أعزكم الله - مكتوب عليه "باسم الله الرحمن الرحيم"، وقد اثار هذا التصرف حفيظة الكثير من الفلسطينيين وتسبب ذلك بردود أفعال ساخنة داخل المجتمع الفلسطيني والعربي. هذا التصرف بلاشك هو جريمة تستحق أن نقف امامها بكل حدة وقوة وبمشاركة دول العالم كافة بما فيهم اليهود أنفسهم أو المسيحيين إن كانوا فعلاً يؤمنون بالله وبما أنزل عليهم... في أحد المواقع الشهيرة على الانترنت كانت تعليقات القراء مثيرة على الخبر والتي أتفق معها من ناحية استنكار هذا العمل المشين والمطالبة بالعقوبة والتصعيد الدولي، والتأكيد على ضرورة احترام الأديان بما فيها المعتقدات الدينية وثوابتها وعدم المساس بها بأي شكل كان والأهم من ذلك كله هو احترام الله وتعظيمه وعدم الإساءة إلى لفظ الجلالة بأي شكل أو لأي هدف. الأمر الآخر، لمست من تعليقات القراء وكأن ذلك يعتبر إساءة للإسلام والمسلمين "فقط"، وطالبوا بضرورة تدخل الدول العربية والإسلامية وعلى رأسهم الحكام العرب ووجهوا انتقادا لاذعا لهم "بالأسماء" بأنهم متخاذلون ولا ينتصرون لله ولا الإسلام...الخ، لا شك في أن ردود الفعل هذه لها ما يبررها، ولكن لماذا نعتقد بأن الأمر يخص المسلمين وحدهم وكأن الله سبحانه وتعالى هو إله المسلمين فقط ! لا شك في أن الإساءة لله تعالى هي إساءة للإسلام والمسلمين ولكن هي إساءة أيضاً لكل من يعبد الله سبحانه وتعالى من بني البشر، حتى لوكانوا يهوداً أو نصارى لأنهم أهل كتاب طالما أنهم يؤمنون بوجود الله ويعبدونه، وهذا ما قامت عليه دياناتهم وماهو موجود حتى في كتبهم "المحرفة"... إن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل فهو القادر على إنزال العقوبة على من أساء وتجرأ عليه بهذا الشكل، وبالتالي فإن هؤلاء "المجرمين" سينالون عقابهم، ولدينا رب عظيم وهو القادر على معاقبتهم وإهلاكهم كما فعل بمجرمي الأقوام السابقة، ولنا في ذلك الكثير من القصص والعبر... وهذا هو أملنا الكبير إن شاء الله.