نزل أمس الثلاثاء القانون العضوي الجديد للانتخابات البرلمان الجزائري وهو يشدّد على منع أي استعمال لأماكن العبادة كمنابر للسياسة بحكم المادة 180 التي تمنع " استعمال أماكن العبادة لأغراض الدعاية الانتخابية بأي شكل من الأشكال". وتعيب الأوساط الإعلامية والسياسية في الجزائر ازدواجية خطاب السلطة في التعاطي مع المسجد واللجوء إلى استعماله متى شاءت وفي مسائل سياسية عندما تكون في حاجة إليه كمنبر لتعزيز خطاب ما أو مسعى ما أو توجه ما، كما حدث مع ميثاق السلم والمصالحة الذي انخرطت كامل مساجد الجزائر في الدعوة إلى تزكيته ومباركته بدعوى أنه يسهم في تصالح الجزائريين مع بعضهم البعض، أو في محاربة الفكر المتطرف بدعوى حماية المنابر من المتطاولين على الدين وصدّ محاولات التنظيمات الإرهابية توظيف الشباب في صفوفها باستغلال عوزهم وبطالتهم وجهلهم. وظل المسجد في الجزائر منذ اندلاع العنف المسلح في البلاد العام 1991 محل شدّ وجدب بين السلطة من جهة والأحزاب السياسية التي تحسب على التيار الإسلامي من جهة أخرى وهي الأحزاب التي ما تزال ترفض أن يظل المسجد مجرد مساحات لأداء الصلوات الخمس وكفى ولا ينخرط في النقاشات التي تشهدها البلاد رغم إقرار المادة الثانية من الدستور أن " الإسلام هو دين الدولة " في وقت ما تزال بعض الكتابات والتعاليق والتحاليل السياسية والصحفية التي تحسب على التيار العلماني الفرنكفوني في الجزائر تشير بالبنان إلى المساجد وتتهمها بتكوين أصوليين ومتشددين ومتطرفين في الفترة التي أعقبت تأسيس الحزب الإسلامي المحظور " الجبهة الإسلامية للإنقاذ " لزعيمها الشيخ عباسي مدني وما تبع هذا التأسيس من وقف للمسار الانتخابي ودخول البلاد في دوامة العنف. وكان قرابة 1000 إمام وخطيب مسجد في الجزائر دعوا العام 2007 في اجتماع مع المسئول الأول عن قطاع الشؤون الدينية بوعبدالله غلام الله إلى النأي بالمسجد بعيدا عن المناورات الحزبية، وعدم الزج به في المعارك السياسية مثلما حدث في التسعينيات تفاديا لتجربة العشرية السوداء، لكن دافعوا عن دوره كمؤسسة تربوية ومعرفية وتعليمية لا تختلف عن المدرسة أو الجامعة أو أي منبر آخر يسهم في توعية الناس وتلقين الناشئة قيم الوسطية والاعتدال و تجنيبهم الفكر المتطرف.