لم يكتف الكنديون بوجود المكتبات العامة المتاحة والمتوفرة للجميع في كل الأحياء، رغم أنها توفر العديد من الخدمات وتزود القارئ والمثقف بكافة ما يطلب ويتمنى قراءته في مختلف المجالات والتخصصات. حيث أسس عدد من الكنديين في احد الأحياء بمدينة فانكوفر الواقعة في محافظة برتش كولمبيا مشروعا صغيرا ومميزا تحت مسمى «صندوق تبادل الكتب» ويهدف القائمون على هذا المشروع الى استقطاب سكان الحي من مختلف الاعمار وبالخصوص الأطفال للاستفادة من المزايا الخاصة التي يقدمها هذا الصندوق للمجتمع المحيط به. مبتكر الفكرة هو الفنان التشكيلي الكندي ايلين موسكا، والذي سعى الى أن يخلق التواصل والتقارب بين أبناء الحي من كبار وصغار، حيث خطط لإنشاء صندوق لتبادل الكتب يوضع في وسط الحي، ويغذى هذا الصندوق من خلال المجتمع المتواجد من حوله، حيث يمكن لأي شخص أن يضع عددا من الكتب المتنوعة في الصندوق، وبعدها يمكن للمارين من سكان الحي الانتفاع من خلال قراءة الكتب المتعددة عن طريق الاستعارة من الصندوق، وإرجاعه مره أخرى بعد الانتهاء منه، ويعتبر هذا الصندوق الثقافي محلا لبيع الكتب المتنوعة لكن ثمن الإيجار ليس كالمعتاد فالقراءة والاستفادة هي رسوم الايجار وليست النقود. ثلاثمائة وخمسون دولارا هو مبلغ تأسيس هذا الصندوق، بهذا القدر استطاع الحي كسب هذه الفكرة التي لقيت إقبالا واسعا من السكان وبالخصوص الاطفال، حيث يشير القائمون على هذا المشروع أن المجتمع المحيط اعجب بهذا المشروع منذ تأسيسه، وبدأت تداولات الكتب من أغلب العائلات القاطنة في الحي، حيث يتبادل الجيران الكتب المتنوعة كالكتب الخاصة بالأطفال وكذلك عدد من المؤلفات الثقافية وأخيرا وليس آخرا كتب الطبخ والتي كانت الأكثر تداولا من قبل الجيران، وذلك لتعدد أصول سكان الحي وثقافاتهم. ويشجع المواطن الكندي كرسيان جميع الاحياء الاخرى بالاستفادة من هذه الفكرة وتطويرها، ويضيف أن المكاسب من هذا الصندوق متعددة ومن اهمها تشجيع الآخرين على القراءة وتبادل الكتب المفيدة مجانا. ويشير كرستيان ان هذا المشروع يساهم في تطوير الطبقة ذات الدخل المنخفض لعدم مقدرتها على شراء الكتب بمختلف الأثمان. ولم يكتف القائمون بهذا الصندوق بجعله للكتب فقط، بل خلق لهم مجتمعا جديدا يسعى في ربط علاقات الجار مع جاره، مشيرين ان من اهداف هذا الصندوق هو تعريف الجيران ببعضهم البعض وتوسيع دائرة الحوار بينهم وتقوية علاقتهم. حيث يلتقي الأبناء والجيران عند هذا الصندوق لتبادل الحديث والتعرف على المجتمع عن قرب. وأبدى عدد من سكان الحي رغبتهم في إنشاء عدد من المشاريع التي تخدم في بناء المجتمع وربطه، موضحين ان هذه الفكرة البسيطة ساهمت في تسهيل التواصل بين الجيران على مستوى الحي، مشيرين انهم افتقدوا هذه الامور منذ قدومهم الى كندا سواء للتعليم او العمل او الهجرة.