ساتكمو، بوبز، أو لويس أرمسترونج الاسم الحقيقي لمغني الجاز وأحد رواد موسيقى الديكسيلاند، حيث ما زالت بعض الأوساط الموسيقية في ذلك الوقت تعطي اعتبارات للموهبة الجادة بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى مثل تسويق الفنان كأيقونة جنسية أو رمز قومي، وحيث ما زال هناك بعد نظر في القيمة التي يمكن أن تقدمها الموسيقى إن أحسن توظيف عناصرها الداخلية بغض النظر عن الفنان كمظهر سطحي أو وهم الصوت الذي هو في الحقيقة عنصر مهم لتسويق أي أغنية. قد يبدو غريباً عندما تسمع هذه الأغنية أول مرة، وحنجرة أرمسترونج الخشنة تشدو بها وهي تروي تلك الانطباعات المتفائلة عن الحياة، ومن خلفه تصدح موسيقى البوب التقليدية في هيئتها الأكثر مثالية، إلا أن التجربة تأخذ منحى شعورياً مختلفاً مع إعادة سماعها وتركها تتغلل في العمق قليلاً مع القليل من التسامح الذي يبدو أن موسيقى الجنون والبورنو الحديثة قد استطاعت ولو ظاهرياً أن تحيده عن التعاطي مع مثل هذه الأغاني الخالدة. قائمة الفنانين الذين أعادوا تسجيل هذه الأغنية مذهلة باتساعها، لكن الأمر الذي يثير الانتباه فعلاً هو مدى الأثر الذي تصنعه هذه الأغنية على مستقبلهم أو على شهرتهم أو حتى على إعادة تلك الأضواء التي انحسرت عنهم، الأمر الذي يبدو مدهشاً هو الآخر في حالة أرمسترونج نفسه، حيث لا تمثل الأغنية النمط الموسيقي الذي اشتهر به كفنان جاز أصيل وأحد رواد موسيقى السوينغ والديكسيلاند التي اشتهرت بها نيو أورلينز إبان عشرينيات القرن الماضي. فعندما كتب جورج ويز ولحن الأغنية بالاشتراك مع بوب ثيلي، وبعد أن وقع الاختيار على أرمسترونج ثانياً بعد توني بينيت الذي رفضها، أصر رئيس الشركة المنتجة على عدم خسارة أي مبلغ لتسويق الأغنية، ولم تبع في الولاياتالمتحدة حسب الكثير من المصادر الموسيقية ما يتجاوز الألف نسخة إلا بقليل، بيد أن الأغنية كافحت بضراوة في المملكة المتحدة لتصل إلى المرتبة الأولى وظلت متربعة لتغير رأي رئيس شركة الإنتاج ليبدي انتباهاً أفضل لعمل سوف يحصد جماهيرية عريضة عبر الوقت الذي اعتبر فيه أرمسترونج المغني الأكبر على الإطلاق بعمر ستة وستين عاماً وهو يتصدر لوائح الأعمال الغنائية الأفضل في الستينيات، وليرحل بعدها عن العالم الذي تغنى عنه كثيراً بثلاث سنوات أو أقل. في الكلمات يحكي لنا أرمسترونج عن مشاهداته، فهو يتأمل الأشجار الخضراء والورود الحمراء، يعتقد أنها تزهر من أجله وأجلنا، ما يجعله يردد قائلاً لنفسه، يا له من عالم رائع، يستمر صوت الراوي في مشاهداته، حيث يشاهد قوس قزح في السماء وانعكاس ألوانه على وجوه الناس الذين يتجاوزونه في الطريق، يتوقفون ليصافحوا أصدقائهم، إنه يسمع صوت صراخ الأطفال، ويشاهدهم وهم يكبرون، يتعلمون الكثير مما كان لا يحلم بتعلمه، إنه لا يجد تعبيراً أصدق وصفاً سوى أن يردد كما فعل ويفعل مراراً، "يا له من عالم رائع". نموذج للتفاؤل المثالي والساذج أحياناً، إلا أنه شعور ملهم وغير اعتيادي، وبخاصة في حالات صفو النفس وبساطة الروح. في عام 1988م أعاد فيلم باري ليفنسون "صباح الخير، فيتنام" 1987م، أغنية أرمسترونج إلى الواجهة مرة أخرى، ثم غنتها إيفا كاسيدي كآخر أغنية لها على الإطلاق عام 1996م، حيث توجهت بعدها مباشرة إلى المستشفى لتغادر العالم بعد ذلك بستة أسابيع بعد معاناة ثلاث سنوات مع مرض السرطان وبعمر لا يتجاوز الثالثة والثلاثين، إلا أن ذلك التسجيل الحي لها وهي تغني أمام الأهل والأصدقاء أحيا الأغنية مرة أخرى، كما كانت سبباً في شهرة إيفا كاسيدي التي أثرت غائراً في إحدى أبرز الوجوه الحديثة في الغناء الغربي، البريطانية كايتي ميلوا والتي قدمت في عام 2007م فيديو مصور لأغنية "يا له من عالم رائع" حيث نشاهد صوراً لحفلة كاسيدي الأخيرة وصوراً لميلوا وهي تجوب شوارع مدن عديدة حول العالم، لقد كان مدهشاً كيف أن كاسيدي بعد رحيلها بإحدى عشر عاماً، تتصدر قوائم الأفضل التي لم تعرفها في حياتها وعبر أغنية ليست خاصة بها، لكن ذلك ليس مهماً، لأن كل ذلك يدور في عالم رائع!. وهو كذلك بالفعل.