الجمهور يغني (فيروز) وفرقة أمواج تعزف الموسيقى.. هذه كانت إحدى صور تجليات الأمسية الموسيقية (سبايا) والتي أقيمت على مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام؛ وشهدت تفاعلا مدهشا من جمهور وعشاق الموسيقى الذي اجتمع قبل الحفلة "الشرقاوية" شوقا لحضور الحفل الموسيقي والإصغاء لآلة البيانو لأول مرة على مسرح "ثقافة الدمام" منذ تأسيسه نهاية السبعينيات. ولم تكن صدفة أن يتحول البيانو إلى نجم الأمسية التي قدمتها فرقة أمواج الموسيقية؛ لأن المنظمين اختاروا أن يقدموا تحية موسيقية سعودية إلى واحد من أهم عباقرة التأليف الموسيقي الرومانسي في العالم، إنه عازف البيانو البولندي فريدرك شوبان؛ منضمين بذلك إلى عشاق الموسيقى في العالم وهم يحتفلون بذكرى مرور "200" عام على ولادة صاحب مقطوعة (ريح الشتاء). بعد أن أعلنت اليونسكو أن هذا العام سوف يكون عام (شوبان). الأمر الذي دفع قائد فرقة أمواج الموسيقية الفنان علي البوري أن يقدم برقة أنغام البيانو، مقطوعة شهيرة على البيانو لشوبان، دون أن يتخلى البوري عن أسلوبه الاستعراضي في "تكنيك" يحاول أن يشاكس "تكنيك" شوبان خلال المقطوعة التي تذكرها الجمهور سريعا، دون أن يعرف الكثيرون أنها لفردريك شوبان (1818-1847). ولم تنسَ "أمواج" يوم الأم حيث قدم محمد سلمان (لحن الأم) على آلة الجيتار. ودون أن يخرج من أجواء عالم الأمومه الحانية، موسيقيا، انتقل سلمان ليعزف منفردا، بانوراما (فيروزيات) وسط صمت الحضور المتماهي مع أنامل صاحب (لحن الوجود) وهو يطوف بين ألحان "الرحابنة" (حبيتك في الصيف، أعطني الناي)؛ في مناخات "جيتارية" تستعيد ذكريات السبعينيات كما شعر بذلك بعض الحضور من الكبار. ولأن فرقة أمواج هي في الأساس من الفرق المسرحية السعودية (عضوة في جمعية المسرحيين السعوديين) فقد برعت في استثمار إضاءة المسرح من خلال التحكم فيه، حسب ظهور كل عازف أو ظهورهم جميعا، كما في أغنية (أول مرة تحب يا قلبي) للعندليب الأسمر، والتي بدأ الجمهور يتمايل عليها طربا، وهو يغني بصحبة كمان الفنان فؤاد المشقاب (نفرح ونملا الدنيا أماني.. لانا ولا أنت حنعشق ثاني). إيقاعات الجاز الغربية لم تغب عن الأمسية "الشرقاوية" عندما أعاد قائد فرقة أمواج عزف مقطوعة فيلم (العراب) بطريقة الجاز، متلاعبا بيديه على البيانو بعد أن قدم جيتار محمد سلمان بداية رومانسية لموسيقى (العراب). ثم لينقل البيانو إلى مقطوعة (الفلوريزا) الشهيرة لبتهوفن، حيث قدمها البوري بأسلوب الجاز متفننا في الانتقال بين الجمل الموسيقية الرومانسية، قبل أن يختم مع موسيقى البلوز الغربية ليستقبل الجمهور عزفه، بالتصفير والتصفيق الحار الذي لم يتوقف إلا مع إعلان الدخول للفقرة الموسيقية اللاحقة. مفاجأة الحفل كانت مع مقطوعة لحن (سبايا) لعلي البوري والتي عنون الحفل باسمها، عندما داعب فؤاد المشقاب الكمان لتنطلق أنغام (سبايا) مشاركة (عود) عماد عبد الباقي وعلي البوري، في ولادة لحن شاعري جديد. فؤاد المشقاب ولأن الغناء سر الوجود كما يقول جبران خليل جبران، فقد شملت الأمسية الموسيقية على تقديم أغنية (ستار) بصوت المطرب الشاب عماد عبد الباقي، بصحبة بيانو محلن الأغنية علبي البوري وعلى إيقاعات الفلامينغو المتناغمة، أهديت الأغنية مجددا إلى المسرحي السعودي الراحل نضال أبو نواس. الجمهور بعد الأغنية الشجية والتي أبكت بعض أصدقاء نضال.. انتقل مع "أمواج" إلى أغنية (نسم علينا الهوى) ليتجلى الجمهور طربا، ويرتفع صوت الغناء الجماعي في حالة من النشوة والفرح، قلما نجدها في مسرح الدمام، عندما بدأ الجمهور يردد معا (شو بنا.. شو بنا.. يا حبيبي شو بنا..) وصولا إلى (خذني على بلادي). الختام المسك، كان مع كوكب الشرق و(انت عمري)، التي زادت الجرعة الطربية في المسرح، لتلامس وجدان عشاق الطرب الأصيل.. في ذكرى موسيقية لا شك أنها ستبقى في ذاكرة جمعية الثقافة والفنون و الجمهور التواق إلى عودة الموسيقى الأصيلة. عماد عبدالباقي