لا تنطبق عبارة "ميد إن شاينا" (صُنِعَ في الصين) على منتَج صيني أكثر من انطباقها على كتاب "الابتكار طريقنا إلى الفوز" الصادر عن مؤسّسة الفكر العربي، كتاب وضعه مفكّرون صينيون كبار ونقله إلى العربية مترجمون صينيون بارعون، وهو الكتاب الصيني الثالث الذي خصّصته المؤسّسة في سلسلة كتابها الشهري "معارف" لتزويد القارئ العربي بالمعارف الأساسية التي تتيح له فهم التقدّم الصيني الذي نقل بلاد كونفوشيوس والعم ماو من مصاف الدول المتخلفة إلى طليعة الدول المتقدّمة، وبقيت آليات هذا الانتقال وأسرار العمل الفردي والجماعي في الصين الذي حوّلها إلى أول بلد صناعي في العالم. الكتاب يقع في 190 صفحة وهو عبارة عن تسع محاضرات ألقاها خبراء كل في ميدانه المعرفي المتخصّص. لكن هذه الميادين كلها تنتمي إلى العالم الصناعي والتكنولوجي ولاسيما مجال المبتكرات الرقمية والمعلوماتية. تتمحور المحاضرة الأولى التي ألقاها تشانغ ياتشين نائب الرئيس العالمي لمايكروسوفت تناولت الممتلكات المرئية لدى شركات تكنولوجيا المعلوماتية، حول عنصرين مهمين: الموارد العقلية أي المتخصّصون الأذكياء، وثمار الابتكار أي حقوق الملكية الفكرية. تدور المحاضرة الثانية التي ألقاها البروفسور ما يون، حول الأساليب المبتكَرَة التي جعلت شركة "علي بابا" تنتقل من وضعها السيّئ الذي كانت تعيشه في العام 2000 إلى شركة ناجحة ومزدهرة باتت اليوم طليعة مؤسّسات المعلوماتية في الصين. المحاضرة الثالثة ألقاها لي يان هونغ رئيس مجلس إدارة شبكة "بيدو" baidu، وموضوعها "الابتكار في الأسلوب التجاري: لماذا تزدهر شركات محرّكات البحث إلى هذا الحدّ؟"، وموجزها أن بين الشركات الأربع الأكثر ازدهاراً في أسواق المال الأميركية، وهي "غوغل" وآبل" و"بيدو" وموشون إن ريزيرش"، هناك شركتان فقط في مجال محرّك البحث، وهما وحدهما اللتان ازدهرتا. لماذا؟ موضوع المحاضرة الرابعة: "نظرة إلى الصين من خلال مستقبل وسائل الإعلام الجديدة"، وقد ألقاها جي وي دونغ المدير العام لمجلس إدارة "مورغان ستانلي". أما المحاضرة الخامسة فألقاها وانغ جيان تشو، رئيس شركة "تشاينا موبايل"، وهي تتمحور حول "وسائل اتصالات الهاتف المحمول" ويقول فيها: "إن الثورة التكنولوجية مثل انفجار عظيم حطّم عالَماً ساكناً وجعله يتحرّك بسرعة فائقة، وكأنما دوران الكرة الأرضية ازداد 1000 مرة". المحاضرة السادسة هي بعنوان: "استثمار المخاطر: بناء مايكروسوفت الصينية" ألقاها تيان سو نينغ، رئيس المؤسّسة الصينية لصناعة برمجيات النطاق العريض. والمحاضرة السابعة ألقاها شيونغ شياو قه، نائب الرئيس التنفيذي العالمي لشركة "آي دي جي" (IDG) ورئيس الشركة في آسيا، وهي بعنوان: "الصين.. فردوس جديد لإقامة المشروعات بعد ركود اقتصادي كبير". عنوان المحاضرة الثامنة هو: "شركات العلوم والتكنولوجيا والابتكار الذاتي" وقد ألقاها تشانغ جينغ آن، رئيس دار صحيفة العلوم والتكنولوجيا اليومية. والمحاضرة التاسعة ألقاها خه تشي تشيانغ، رئيس معهد "لينوفو" للبحوث، وهي بعنوان: "إنشاء نظام ابتكار عالمي". "الابتكار طريقنا إلى الفوز" شعارٌ يرفعه لا القادة الصينيون فحسب، بل الصينيون جميعاً، بدليل إقبالهم الشديد على المحاضرات التي تُلقى في كل مكان من الصين، على ما يشهد هذا الكتاب الذي يضمّ تسع محاضرات في الابتكار وماهيته وصلته الجوهرية في نهضة الصين الحديثة، ألقاها تسعةُ من عمالقة الصناعيين وأساتذة الابتكار في الصين، ليفسّروا فيها معنى الابتكار عملياً ومادياً في عدد من فروع العمل التقني، ويشرحون مضامينه، وهم: تشانغ يا تشين، نائب الرئيس الأعلى لشركة "مايكروسوفت" العالمية؛ ما يونّ، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "على بابا"؛ لي يان هونغ، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشبكة "بيدو"؛ جي وي دونغ، المدير العام لشركة "مورغان ستانلي"؛ وانغ جيان تشو، رئيس شركة "تشاينا موبايل"؛ تيان سو نينغ، رئيس المؤسسة الصينية لصناعة برمجيات النطاق العريض؛ شيونغ شياو قه، نائب الرئيس التنفيذي لشركة "آي دي جي" ورئيس الشركة في آسيا؛ تشانغ جين آن، رئيس الدار التي تُصدِر فيما تُصدِر من نشرات ومطبوعات، صحيفةَ العلوم والتكنولوجيا، وهي صحيفة يومية؛ وأخيراً، خه تشي تشيانغ، رئيس معهد "لينوفو" للبحوث". جمهور هذه المحاضرات واسع، يجمع فئات متنوعة من العاملين المهتمين بشؤون الابتكار التكنولوجي والفني، بينهم مختصون مجلّون في ميادين الابتكار التكنولوجي المتعددة، وطلاب مبتدئون يسيرون في معارج هذا الطريق، وبين هؤلاء وهؤلاء جميع الذين لهم علاقة بالابتكار سواء كانوا عاملين محترفين في هذا أو ذاك من ميادينه، أم هواة منجذبين إلى الانخراط فيه... أما القارئ العربي فيفيد من المحاضرات ومن المناقشات التي تدور بين المحاضرين وجمهور المستمعين في أعقاب كل محاضرة فائدة جمّة، بعدما بات العرب يهتمّون بتجارب الشعوب والأمم الأخرى في مجال النهوض العلمي والتكنولوجي، خصوصاً تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية، التي تحتل الجانب الأوسع في محاضرات الكتاب، وبعدما تكاثر عدد الطلاب والباحثين العرب سواء في جامعاتنا العربية أم في الجامعات الأجنبية، وتزايد عدد المتجلّين بينهم وبتنا نلاحظ أسماء باحثين عرب تبرز في مجالات علمية وتكنولوجية شتى.