يكتب الدكتور هاشم عبده هاشم بعض الموضوعات الإنسانية في زاويته اليومية فتأتيه رسائل ومكالمات من معارف وأصدقاء يعتقدون أنهم هم المقصودون في هذه الكتابات.. بينما هو يؤكد أنه لا يقصد شخصاً محدداً وإنما يكتب عن هموم إنسانية عامة وعن صفات وممارسات تنطبق على كثير من الناس! وعندما تتعلق هذه الكتابات بجوانب إيجابية من سلوك الناس لا تكون هناك مشكلة في أن يعتقد شخص ما أنه هو المقصود لكن الحرج يقع عندما تكون الكتابة عن جوانب سلبية. ويحدث مثل ذلك لكثير من الكتّاب الذين يتناولون جوانب إنسانية في كتاباتهم.. بما في ذلك الكتابات الإبداعية القصصية والروائية. وقد كتب ذات مرة القاص المصري الراحل محمود تيمور مقالاً في مجلة قافلة الزيت القديمة بعنوان «من أين يستقي القاص مادته؟» أوضح فيه أن الكاتب يلتقط مادته من تفاصيل الحياة اليومية ومن خياله أيضاً.. وبدا كما لو أنه كان يحاول أن ينكر التهمة التي تلاحق الكاتب أحياناً أنه يكتب عن نفسه أو عن أحد يعرفه! صحيح أن طه حسين - على سبيل المثال - كان يقصد نفسه عندما كان يتحدث عن «الفتى» في كتاب «الأيام» ولكن ليس سراً أن «الأيام» هي سيرة ذاتية للمؤلف.. وقد يعلن الكاتب في كل محفل أنه هو بطل قصته مثلما فعل محمد شكري في «الخبز الحافي».. ولكن هذا لا يعنيأ ن كل قصة أو رواية هي سيرة ذاتية للمؤلف ولا يعني ان المقالات التي يكتبها هي من تجاربه الشخصية أو عن أناس يعرفهم معرفة شخصية. وصحيح أيضاً أن بعض كتّاب المقالات الصحفية يوظف كتاباته من أجل قضايا شخصية بحتة والبعض لا يجد حرجاً في الحديث عن نفسه أو عن بعض أفراد أسرته لدرجة أن القراء يعرفون أسماء أبناء الكاتب وأقربائه وجيرانه ومعارفه من فرط تكرار هذه الكتابات الذاتية، لكن هذه الكتابات - في تقديري - هي أسوأ أنواع الكتابة وخصوصاً عندما تتكرر بمناسبة وبلا مناسبة.. النقاد يتحدثون عن «موت المؤلف».. وأظن المقصود هو قراءة النص بعيداً عن شخص الكاتب.. ولا أدري ان كان بالإمكان تحقيق هذه المعادلة في كل أنواع الكتابة.. لكن الحاصل أن هذا المصطلح أضيق من أن يتسع لبعض ما يُكتب في صحافتنا: إما بسبب أوهام المتلقي، أو بإصرار الكاتب على فرض وصايته على القارئ وحشر نفسه في كل سطر وفي كل كلمة يكتبها!